للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فظن أن " عثمان " يكنى " أبا عفّان "؛ لأن اسم أبيه " عفّان "، وإنما هو " أبو عمرو "، فهذا مما لا يجوز.

وكقول آخر:

مثل النّصارى قتلوا المسيحا

وإنما اليهود على ما قالت النّصارى قتلوا المسيح، وقد أكذبهم الله تعالى في ذلك بقوله: وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ (١).

وموضع الإنكار على الشاعر أن الذين اعتقدوا قتله اعتقدوا أن الذين قتلوه هم اليهود، غير أنه ظنّ لما كان اليهود والنّصارى مخالفين للإسلام وجاحدين لمحمد صلّى الله عليه وسلّم أنهم جميعا مشتركون في سائر من ينكرونه من الأنبياء.

ومثل هذا كثير في الشّعر، وربما جاء منه ما يظن بعض الناس أنه غلط، وعند غيره ليس بغلط، كقول زهير:

فتنتج لكم غلمان أشأم كلّهم ... كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم (٢)

فقال الأصمعي وغيره من أهل اللغة: إنه غلط في قوله: " كأحمر عاد "، وإنما هو:

" أحمر ثمود " الذي عقر الناقة، فنزل العذاب على قومه بعقره، وصار مشؤوما عليهم.

والعرب تضرب به المثل وتذكره.

قال أمية بن أبي الصلت يصف عاقر الناقة:

فأتاها أحيمر كأخي السهّ ... م بعضب فقال كوني عقيرا

أي فعقرها، يعني الناقة.

وقال بعض أهل اللغة، العرب تسمي " ثمود " " عادا الآخرة "، وتسمي قوم هود " عادا الأولى "؛ لأن ثمود هي عاد الأخرى، فقول زهير صحيح على هذا.

وفي نحو هذا قول أبي ذؤيب:

فجاء بها ما شئت من لطميّة ... يدوم الفرات فوقها ويموج (٣)

فقال الأصمعي: هذا غلط؛ وذلك أنه ظنّ أن الّلؤلو يخرج من الماء العذب، لبعده


(١) سورة النساء، آية: ١٥٧.
(٢) البيت في القصائد السبع ١٦٩، واللسان (شأم).
(٣) البيت في ديوان الهذليين ١٣٤، واللسان (لطم).

<<  <  ج: ص:  >  >>