للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبذله وأقدمه إليه كلّه حتى يقنع به. وقوله: " عينيه " يريد: ما تراه عيناه. وأنشد سيبويه لرؤبة:

ضخم يحبّ الخلق الأضخمّا (١)

ويروى: " الإضخمّا "، و " الضّخمّا " فمن قال: " الضّخمّا " جعله على مثال: " خدبّ " و " هجفّ ". ومن قال: " الإضخمّ " جعله على مثال: " إرزبّ "، وليس الشاهد في واحد منهما، وإنما الشاهد في " الأضخمّا " لأنه كان ينبغي أن يقول " الأضخم " مثل قولك:

" الأعظم " و " الأكبر ". وأنشد لحنظلة بن فاتك:

أيقن أنّ الخيل إن تلتبس به ... يكن لفسيل النخل بعده آبر

أراد: " بعد هو " وهو يصف رجلا بالشجاعة والإقدام، يريد أنه قد علم أنه إن قتل أو مات لم تتغيّر الدّنيا، وكان للنخل من يقوم بها ويصلحها. والآبر: الملقح للنّخل.

وأنشد لرجل من باهلة:

أو معبر الظّهر ينبي عن وليّته ... ما حجّ ربّه في الدنيا ولا اعتمرا

يريد: " ربّهو في الدنيا ".

وهذا رجل لصّ يتمنى سرقة جمل معبر الظهر، وهو الذي على ظهره وبر كثير، وهو سمين لسمنه ينبي عن وليّته وهي البرذعة. وينبي عنها: يزيلها ويرفعها. وقوله: " ما حج ربّه " يريد أن صاحبه لم يحج عليه فينضيه، فهو يتمناه في أحسن ما يكون.

وأنشد سيبويه للأعشى:

وما له من مجد تليد وما له ... من الرّيح فضل لا الجنوب ولا الصّبا (٢)

أراد: " وما لهو ".

ومعنى البيت أنه يهجو رجلا ويقول إنه لا خير عنده قليل ولا كثير؛ وذلك أن الجنوب أغزر الأرواح عندهم خيرا؛ لأنها تجمع السحاب وتلقح المطر، والصّبا أقل الأرواح عندهم خيرا، لأنها تقشع الغيم، فليس لهذا المهجو خير قليل ولا كثير.

وقال بعضهم: الأرواح التي فيها الخير ونماء الأشياء: الجنوب والصّبا، فالجنوب


(١) البيت في ملحق ديوانه ١٨٣، وسيبويه ١/ ١١، واللسان (ضخم).
(٢) البيت في ديوانه ص ٩٠، وسيبويه ١/ ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>