للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المطلق، وهو المصدر. وأنا أفسر هذا في موضعه، إن شاء الله تعالى.

وقوله: " والمفعول الذي لم يتعد إليه فعل فاعل، ولا تعدى فعله إلى مفعول آخر "، يريد به: " ضرب زيد " فزيد هو مفعول في الحقيقة، و " ضرب " هو فعل له. وليس يريد أنه على الحقيقة: فعل له أوقعه، وإنما يريد أنه فعل بني له ورفع به، وإن كان قد وصل إليه من غيره، كما يبنى الفعل للفاعل، وربما لم يكن هو الموقع له؛ كقولنا: " مات زيد " و " طلعت الشّمس "، فزيد لم يفعل موته، ولا الشمس طلوعها، وإنما الله تعالى أماته وأطلعها، وقد ينسب الفعل إليهما.

ومما يسوّغ هذا أن الفعل أصله مصدر، والمصادر قد تنسب إلى فاعليها ومفعوليها، فنسبتها إلى فاعليها؛ كقولك: " قيام زيد " و " بناء عمرو "، ونسبتها إلى مفعوليها قولك: " بناء الحائط " و " دقّ الثّوب ".

فمعنى قوله " والمفعول الذي لم يتعدّ إليه فعل فاعل " يعني لم يذكر له فاعل بني الفعل له، ولا تعدّى هذا الفعل المبنيّ للمفعول إلى مفعول آخر منصوب: كقولك: " كسى عمر جبّة " و " أعطي زيد درهما "، فقولك: " أعطى زيد درهما " و " كسي عمر وجبّة " فعل مفعول تعدّى إلى مفعول آخر، فأراد أن يفصل بين " ضرب زيد " و " أعطي زيد درهما " في أن " ضرب " لا يتعدّى المفعول إلى مفعول آخر، و " أعطى " يتعدّى المفعول إلى مفعول آخر.

وقوله: " وما يعمل من أسماء الفاعلين والمفعولين عمل الفعل الذي يتعدّى إلى مفعول ". واعلم أن اسم الفاعل المشتقّ له من الفعل يعمل عمل الفعل: كقولك: " هذا ضارب زيدا "، فضارب ينصب زيدا، كما ينصبه " يضرب "، إذا قلت: " هذا يضرب زيدا "، وإذا قلت: " هذا معط زيدا درهما " و " هذا حاسب أخاك منطلقا "، و " معلم زيدا عمرا قائما " فهو بمنزلة: " يعطي " و " يحسب " و " يعلم ". وإذا قلت: " هذا معطى درهما " فهو بمنزلة قولك: " هذا يعطي درهما " فيعطي هو فعل مفعول تعدّى إلى مفعول آخر، و " معطى " اسم المفعول المشتق من هذا الفعل، فيعمل عمله. وكذلك تقول: " هذا مكسوّ أبوه ثوبا " فيعمل " مكسوّ " عمل " يكسى " ويصير بمنزلة قولك: " هذا يكسى أبوه ثوبا ".

وقوله: " وما يعمل من المصادر ذلك العمل ". اعلم أن المصدر يعمل عمل الفعل المشتق منه، كقولك: " أعجبني ضرب زيد عمرا " و " دقّ الثّوب القصّار " و " إعطاء عمرو

<<  <  ج: ص:  >  >>