للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عميرة ودّع إن تجهّزت غاديا ... كفى الشّيب والإسلام للمرء ناهيا

على معنى: كفى بالشيب والإسلام. وتقول: " ما قام من أحد "، و " هل عندك من شيء "؛ فإذا حذفت قلت " ما قام أحد "، و " هل عندك شيء ". فليس حذف حرف الجر هو الذي نصبه، وإنما نصب بها لشبه ليس.

وهذه اللغة إنما هي لغة أهل الحجاز، وبها نزل القرآن، وهو قوله تعالى: ما هذا بَشَراً (١). وروي عن الأصمعي أنه قال: " ما سمعته في شيء من أشعار العرب "، يعني نصب خبر " ما ". وقد أنشدنا أبو بكر بن دريد في معاني الأشنانداني:

وأنا النذير بحرة مسودّة ... تصل الجيوش إليكم أقوادها

أبناؤها متكنفون أباهم ... حنقوا الصدور وما هم أولادها

فنصب خبر " ما ".

قال سيبويه: (وأما بنو تميم فيجرونها مجرى " أما "، و " هل "، أي لا يعملونها في شيء، وهو القياس؛ لأنها ليست بفعل).

وقد ذكرنا هذا.

قال: (وليس " ما " " كليس " ولا يكون فيها إضمار).

يعني: لا يكون في " ما " إضمار الفاعل، كما يكون في " ليس " إذا قلت: " لسنا " و " لست "، وما أشبه ذلك.

قال سيبويه: (فأما أهل الحجاز فيشبهونها " بليس " إذ كان معناها كمعناها، وقد مر هذا).

قال: (كما شبّهت " لات " " بليس " في بعض المواضع، وذلك مع " الحين " خاصة.

لا تكون " لات " إلا مع " الحين ").

يعني أنك إذا قلت لاتَ حِينَ مَناصٍ (٢) أو " لات حين فرار "، وما أشبه ذلك، فبعد " لات " اسم مرفوع " بلات "، و " حين "

خبر ذلك الاسم، وهو منصوب، وجعلت " لات " رافعة لذلك الاسم المحذوف، وناصبة للخبر، كما ترفع " ليس " الاسم وتنصب


(١) سورة يوسف، آية: ٣١.
(٢) سورة ص، آية: ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>