للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عوّد "، على معنى " عوّده ". ولا يجوز أن يقال: " كان عمرا زيد ضاربا " بنصب " عمرو "، وقد جعلت " ضاربا " منصوبا ب " كان ". ولكنك لو قلت: " كان عمرا زيد ضارب "، جاز.

والفرق بينهما أن المسألة الأولى ليس في " كان " ضمير الأمر والشأن، وفي هذه ضمير الأمر والشأن فإذا نصبت " عمرا "، فالذي يلي " كان " الأمر والشأن. فلم يلها منصوب يغيرها. ولو قلت: " عمرا كان زيد ضاربا " جاز؛ لأن هذا الذي قبله كان كالملغى، ولم يصر حاجزا بينهما وبين ما حكمها أن تعمل فيه:

قال سيبويه: (ومثل ذلك من الإضمار:

إذا متّ كان النّاس صنفان شامت ... وآخر مثن بالذي كنت أصنع (١)

أضمر في " كان " الأمر والشأن. وقال بعضهم: " كان أنت خير منهم " على معنى كان الأمر، ومثله قوله تعالى: مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ) (٢).

يعني: أن في " كاد " ضميرا من الأمر والشأن؛ لأن " كاد " فعل، و " يزيغ " فعل، ولا يعمل الفعل في الفعل.

(وقال هشام أخو ذي الرمة:

هيّ الشّفاء لدائي لو ظفرت بها ... وليس منها شفاء الدّاء مبذول) (٣)

معناه: ليس الأمر.

وقال: (وليس يجوز هذا في " ما " في لغة أهل الحجاز).

يعني أنه لا يجوز أن تقول: " ما زيد قائم "، وتجعل في " ما " ضمير القصة والشأن مستكنا، لأنها ليست بفعل ليستكن فيها الضمائر.

قال سيبويه: (ولا يجوز أيضا في لغتهم أن تقول: " ما زيدا عبد الله ضاربا " و " ما زيدا أنا قاتلا "؛ لأنه لا يستقيم في " ما " كما لم يستقم أن تقدم في " كان وليس " ولا يجوز أن تقدم في " كان " و " ليس " ما يعمل فيه الآخر).

يعني: لا يجوز أن يلي " ما " منصوب بغيرها. على لغة أهل الحجاز، لأنهم يجعلونها


(١) البيت للعجيز السلولي في الأعلم ١/ ٣٦، الدرر اللوامع ١/ ٨٠، العيني ٢/ ٨٥.
(٢) سورة التوبة، آية: ١١٧.
(٣) الأعلم ١/ ٣٦، المقتضب ٤/ ١٠١، شرح القصائد السبع: ٤٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>