للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نحن بما عندنا، وأنت بما ... عندك راض والرأي مختلف (١)

أراد: نحن بما عندنا راضون.

ومثله قول ضابئ البرجمي:

فمن يك أمسى بالمدينة رحله ... فإنّي وقيّارا بها لغريب (٢)

فجاء بخبر أحدهما.

وقال ابن أحمر:

رماني بأمر كنت منه ووالدي ... بريئا ومن أجل الطّوي رماني (٣)

ويروى: ومن جول الطوى. وحق الكلام أن يقول: بريئين فهذه الأبيات أشد مما ذكر؛ وذلك أنه حذف خبر الاسم الذي لا بد له منه اكتفاء بخبر الاسم الأخير، وما ذكرناه فإنما حذف منه المفعول المستغنى عنه، وحذف الخبر أشد من حذف المفعول.

فأما قول ضابئ البرجمي: " وإني وقيارا بها لغريب "، فيجوز أن يكون " لغريب " خبرا للنون والياء وخبر " قيار " محذوفا. ويجوز أن يكون خبرا " لقيار "، وخبر " إني " محذوف.

وكذلك بيت ابن أحمر، يجوز أن يكون خبرا " للقاء " في " كنت "، ويجوز أن يكون خبرا " لوالدي ". ومن روى: ومن أجل الطّوي رماني يعني بسبب الطّويّ، والطويّ: البئر.

وإنما كان بينهما مشاجرة في بئر، فبهته بسبب ما كان بينهما من المشاجرة، وقذفه بما لم يكن فيه.

ومن قال: " ومن جول الطوي رماني " أراد: ما رماني به رجع عليه؛ لأن من رمى من بئر رجع عليه ما رمي.

قال سيبويه بعد هذه الأبيات: (فوضع في موضع الخبر لفظ الواحد؛ لأنه قد علم أن المخاطب سيستدل به، والأول أجود).

يعني: أنه جاء بخبر واحد، وقد ذكر أكثر من واحد، فحذف الخبر اكتفاء بما ذكر والأول أجود، يعني: حذف المفعول من الفعل الذي ذكره أجود.


(١) أمالي ابن الشجري ١/ ٢٩٦ - شرح ابن عقيل ص ١٢٥.
(٢) الخزانة ٤/ ٨١ - الكامل للمبرد ١/ ٢١٨ - الدرر اللوامع ٢/ ٢٠٠، ٢١٠.
(٣) الأعلم ١/ ٣٨، سيبويه ١/ ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>