للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلا على غير لفظ الظاهر؛ كأنك قلت: " لقيت زيدا أو جزت زيدا ". فإذا قلت: " زيدا ضربته "، أضمرت فعلا من لفظه، كأنك قلت: " ضربت زيدا ضربته "، فيكون الظاهر دالا على مثل لفظه ومعناه، وفي الوجه الأول يكون الظاهر دالا على مثل معناه دون لفظه، وما اجتمع فيه اللفظ والمعنى كان أقوى في الدلالة، ومثل الوجه الأول: " زيد لقيت أخاه "؛ لأنك لو نصبته لأضمرت فعلا على خلاف لفظ الظاهر، كأنك قلت: " لا بست زيدا لقيت أخاه " وكل ما دل على المعنى واللفظ كان أقوى في النصب.

قال: (وإن شئت قلت: " زيدا مررت به "، تريد أن تفسّر به مضمرا، كأنك قلت إذا مثّلت ذلك " جعلت زيدا على طريقي مررت به ").

و" جعلت زيدا على طريقي " بمنزلة إضمار " جزت "، ولكنه لا يظهر هذا الفعل الأول؛ لما ذكرت لك. يعني: الفعل المضمر لا يظهر مع التفسير.

قال: (وإذا قلت: " زيد لقيت أخاه "، فهو كذلك، وإن شئت نصبت؛ لأنه إذا وقع على شيء من سببه فكأنه قد وقع به).

يعني: " زيدا لقيت أخاه " لما نصبت الأخ جاز أن تضمر فعلا ينصبه لأن وقوع الفعل بسببه كوقوعه بضميره.

قال: (والدليل على ذلك أن الرجل يقول: " أهنت زيدا بإهانتك أخاه، وأكرمته بإكرامك أخاه، وهذا النحو كثير في الكلام، يقول الرجل: " إنما أعطيت زيدا " وإنما يريد لمكان زيد أعطيت فلانا، وإذا نصبت " زيدا لقيت أخاه فكأنه قال: لا بست زيدا لقيت أخاه، وهذا تمثيل ولا يتكلم به، فجرى هذا على ما جرى عليه قولك:

" أكرمت زيدا "، وإنما وصلت الإكرام إلى غيره).

يعني: أن نصب " زيد " بوقوع الفعل على سببه بمنزلة " أكرمت زيدا "، وإن كان الإكرام وصل إلى غيره بسببه.

(والرفع في هذا أحسن وأجود؛ لأن أقرب إلى ذلك أن تقول: " مررت بزيد "، و " لقيت أخا عمرو ").

يعني: أن الرفع في " زيد " في " زيد مررت به "، و " عمرو لقيت أخاه "، أجود؛ لأنك لو أردت إعمال الفعل، لأعملت هذا الظاهر في " زيد " فقلت: " مررت بزيد " و " لقيت أخاه ".

<<  <  ج: ص:  >  >>