للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالضمير ولا بباء مضمرة؛ لأن الجار لا يضمر، وقولك: " مررت بعبد الله وزيد " يمكن جر " زيد " بالعطف على " عبد الله "، فلما جاز نصبه، كان نصب المستفهم عنه أولى لما ذكرنا.

والباء الجارة ليست تمنع المجرور من أن يكون في معنى مفعول على ما تقدم من ذكرنا له، فلذلك جاز أن يحمل المعطوف عليه على الفعل، وإن كان الفعل الظاهر يصل بحرف جر.

(قال جرير:

جئني بمثل بني زيد لقومهم ... أو مثل أسرة منظور بن سيّار (١)

ومثله قول العجاج:

يذهبن في نجد وغورا غائرا) (٢)

فنصب " وغورا "؛ لأن معنى: يذهب فيه يسلكن فيه.

فكأنه قال: ويسلكن غورا غائرا.

ومعنى: جئني بكذا، أي: أعطنيه. فكأنه قال: أعطني مثل بني بدر أو مثل أسرة منظور.

قال: (ولا يجوز أن تضمر فعلا لا يصل إلا بحرف جر؛ لأن حرف الجر لا يضمر، وسترى بيان ذلك إن شاء الله تعالى، ولو جاز ذلك لقلت: " زيد " تريد: " مرّ بزيد ").

يعني: أنه لا يجوز أن تقول: " زيد مررت به " على معنى: " مررت بزيد مررت به ".

(ومثل هذا وَحُورٌ عِينٌ (٣) في قراءة أبي بن كعب).

على إضمار " ويعطون حورا عينا "؛ لأن قوله: يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ. بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ (٤) دليل على أنهم قد أعطوا ذلك، فنصب أبي وَحُورٌ عِينٌ على معنى و " يعطون "، ومن رفع أراد: و " لهم حور عين " وقد دل الكلام عليه أيضا؛ لأن ما طيف به عليهم من الأكواب، والأباريق هو لهم.


(١) البيت لجرير الديوان ٣١٢ - الأعلم ١/ ٤٩ - المقتضب ٤/ ١٥٣.
(٢) البيت للعجاج في سيبويه ١/ ٤٩، الأعلام ١/ ٤٩.
(٣) سورة الواقعة، آية: ٢٢.
(٤) سورة الواقعة، الآيتان: ١٧، ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>