للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال المحتج عنه: إنما شرط سيبويه أن يتقدم الفعل، وليس قبله شيء في صلة ما بعده.

قال: (إذا تقدم شيء مما بعده، قبل أن يأتي بفعل الشك، فقد مضى ذلك اللفظ على غير الشك والظن جاز فيه الإلغاء، كما جاز في " أين تظن زيدا " إذا تقدم الخبر).

وقوله: (وإنما يضعف هذا في الابتداء كما ضعف: " غير ذي شك زيد ذاهب "، و " حقا زيد منطلق ").

قال أبو سعيد: واعلم أن " حقا، وغير ذي شك "، وما جرى مجراهما يؤكد به الجمل وتحقق، ولا تأتين مبتدأ، إذا أردت ذلك المعنى لأنك إذا قلت: " زيد منطلق حقا " فقد وكدت إخبارك بانطلاقه، كأنك قلت: حق ذلك حقا؛ لأن قولك: " زيد منطلق " ظاهره يدل على أنك تخبر بما تحقه وما هو صحيح عندك، فلا تقدم هذا التأكيد، ويؤتى بالجمل بعده فضعف تقديم الظن كضعف تقديم هذا لأنه نقيضه وذلك أن قولك: " زيد منطلق حقا " في باب التحقيق كقولك: " زيد منطلق ظنا " في باب الظن.

قال: (وإن شئت قلت: " متى ظنّك زيدا أميرا " كقولك: " متى ضربك عمرا ".

يعني: أنك تجعل " ظنك ": مبتدأ، و " متى ": خبره، و " زيدا أميرا " مفعولي الظن.

قال: (" وقد " يجوز أن تقول: " عبد الله أظنه منطلق " تجعل هذه الهاء على ذاك، كأنك قلت: " زيد منطلق أظن ذاك ").

قال أبو سعيد: إذا قلت: " عبد الله أظنه منطلق " فهذه الهاء " للظن " لا " لعبد الله "، و " أظنه " ملغي وليس بالقوي في الكلام، وذلك أن هذه الهاء إذا جعلتها للظن الذي هو المصدر، فقد أكدت " أظن " بذكر الظن، وأنت قد ألغيت " أظن " برفعك " عبد الله " و " زيدا "، فالأجود أن هذه الهاء إذا جعلتها للظن الذي هو المصدر أن تقول: " عبد الله أظن

منطلق " وإذا قلت: " عبد الله أظنه منطلق " فهو أجود من أن تقول: " عبد الله أظن ظنا منطلق " و " أظن ظني منطلق؛ لأنك إذا قلت: " أظنه "، فليس فيه لفظ الظن، وإنما هو كناية عنه، والظن أبلغ في التأكيد؛ لأنه من لفظ " أظن "، وكأنه أعيد لفظه تاكيدا.

وكذلك إذا قلت: " عبد الله أظنّ ذاك منطلق " وجعلت " ذاك " إشارة إلى المصدر، كان أجود من أن تقول: " عبد الله أظنّ الظن منطلق "؛ لأنه أبعد من لفظ التأكيد، وإن جعلت هذه الهاء لعبد الله لم يجز إلا نصب " منطلقا "؛ لأنه يكون " عبد الله " مبتدأ، والهاء

<<  <  ج: ص:  >  >>