للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجنة- توقع السامع الذي وعد بقصصه عليه فقال: فِيها أَنْهارٌ وتوقع أيضا حكم الزاني والزانية الذي وعد بقصصه وذكره، فقال: فَاجْلِدُوا.

وقال الفراء وأبو العباس المبرد: إن الفاء دخلت للجزاء، وإنها خبر، والزانية ترتفع على الابتداء في قول أبي العباس، و " فاجلدوا " خبره، وعند الفراء الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي يرتفعان بما عاد من ذكرهما، ودخلت الفاء؛ لأن الزانية والزاني، في معنى التي تزني والذي يزني، وقد ذكرت هذا في قوله تعالى: وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما (١).

قال سيبويه مستشهدا على ما قال: لمّا قال الله تعالى: سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها (٢) قال في الفرائض: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي (٣) ثم جاء " فاجلدوا " فجاء بالفعل بعد أن مضى فيهما الرفع كما قال:

وقائلة: خولان فانكح فتاتهم

وقد مضى الكلام في هذا.

قال: (وقد يجري هذا في زيد وعمرو على هذا الحد إذا كنت تخبر بأشياء أو توصي).

يعني أنك تقول: " زيد فأحسن إليه " إذا أردت: زيد فيمن أوصى به فأحسن إليه، فيكون بمنزلة الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا وتكون الفاء جوابا للجملة.

قال: (وقد قرأ أناس " والسارق والسارقة " و " الزانية والزاني " وهو في العربية على ما ذكرت لك من القوة)

وهذه القراءة تروى عن عيسى بن عمر، وهو على: اجلدوا الزانية والزاني، كما ذكرنا في قولنا " زيدا فاضربه " وهو قوي في العربية ولكن القراءة سنّة منقولة.

قال: (وإنما كان الوجه في الأمر والنهي النصب؛ لأن حد الكلام تقديم الفعل، وهو فيه أوجب؛ إذا كان ذلك يكون في ألف الاستفهام).


(١) سور النساء، آية: ١٦.
(٢) سورة النور، آية: ١.
(٣) سورة النور، آية: ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>