للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الاسم الذي بعدها، يعني في لغة أهل الحجاز فلما كانت عاملة في الاسم الذي بعدها، وألف الاستفهام غير عاملة كان الرفع أقوى في " ما ".

قال: (وأما ألف الاستفهام وما في لغة بني تميم يفصلن ولا يعملن، فإذا اجتمع أنك تفصل وتعمل الحرف فهو أقوى).

يعني أن " ما " وألف الاستفهام في لغة بني تميم يفصلن عن الاسم الذي وقع الفعل على ضميره باسم آخر، كقولك: " أأنت زيد ضربته " و " ما أنا زيد لقيته "، فصلت الألف و " ما " عن زيد بدخول " أنا " و " أنت " بينهما، وهما لا يعملان في الاسم الذي يليها فمجراهما واحد.

فإذا جئت إلى لغة أهل الحجاز في " ما " فصلت بينها وبين الاسم الذي وقع الفعل على ضميره وأعملتها في الاسم

الذي يليها، فبعد النصب عن الاسم الذي وقع الفعل على ضميره؛ لبعدها منه لمّا اجتمع الفصل بينها وبينه، وعملها فيما وليها، ويجوز " ما أنا زيدا لقيته " على قول من قال في الابتداء: " زيدا لقيته "، والاختيار الرفع.

واعلم أن الجملة إذا كانت في موضع خبر اسم متقدم، أو في محل بعينه كان سبيلها كسبيلها إذا وقعت مبتدأة، ويختار فيها ما يختار في الابتداء.

وكونها خبرا في أربعة أشياء. وهي: خبر المبتدأ، وخبر كان وأخواتها، وخبر إن وأخواتها، والمفعول الثاني في " ظننت " وأخواتها، تقول: " زيد أبوه ضربته " و " كنت زيد ضربته " و " إني عمرو كلمته " و " حسبتني أخوك رأيته "، وإنما صار الاختيار الرفع في هذه الأشياء؛ لأنك جئت بهذه الجمل، وهي كلام قائم بنفسه، فوضعته في موضع خبره، فينبغي أن تعطي الكلام حقه وإعرابه، ثم توقعه في هذا الموقع، ويجوز نصبه بما جاز في الابتداء.

وأما قوله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ (١) فإنه على قول من يقول: " زيدا ضربته ".

فإن قال قائل: فأنتم تزعمون أن قول القائل: " إني زيد كلمته " الاختيار فيه الرفع؛


(١) سورة القمر، آية: ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>