فهذا أحد وجوه جعلت التي ذكرناها، وهو الذي في معنى التخيل، والذي هو من طريق التسمية يشبه هذا الوجه، إلا أنه لم يذكره اكتفاء بهذا.
قال:" والرفع فيه أيضا عربي كثير ".
يعني رفع " البعض "، فتجعل ما بعده خبرا، وتجعل الجملة في موضع المفعول الثاني، إن كان يتعدى إلى مفعولين، وفي موضع الحال إن كان يتعدى إلى مفعول واحد.
قال: (وتقول: " أبكيت قومك بعضهم على بعض " و " حزّنت قومك بعضهم على بعض "، فأجريت هذا على حد الفاعل، إذا قلت: بكى قومك بعضهم على بعض، وحزن قومك بعضهم على بعض، فالوجه هاهنا النصب، لأنك إذا قلت: أحزنت قومك بعضهم على بعض، وأبكيت قومك بعضهم على بعض، لم ترد أبكيت قومك، وبعضهم على بعض في عون).
أعني أمارة وولاية، ولا أبكيتهم وبعض أجسادهم على بعض فإنما هو منقول من " بكى قومك بعضهم على بعض "، وبعضهم بعضا وحرف الجر في موضع اسم منصوب مفعول، فإن قلت:" حزّنت قومك بعضهم أفضل من بعض "، فالوجه الرفع، ويجوز فيه النصب، وإنما حسن الرفع هاهنا واختير؛ لأنه ليس بمنقول؛ لأن فضل بعضهم على بعض بمعنى لم يصر فيهم بتحزينك إياهم، ولا هو متعلق بالتحزين، " وأبكيت قومك بعضهم على بعض "، أنت فاعل بهم الإبكاء ومصيرهم إلى أن بكى بعضهم على بعض، فإنما أردت حزّنت قومك وبعضهم أفضل من بعض.
ولو نصبت " بعضهم " وجعلت " أفضل " حالا جاز، والرفع أجود على مضى من تجويد الرفع على النصب إذا استوى معناهما.
قال:" وإن كان مما يتعدى إلى مفعولين أنفذته إليه، لأنه كأنه لم تذكر قبله شيئا ".
يعني أنك إذا جعلت مكان " حزّنت قومك بعضهم " أفضل من بعض فعلا يتعدى إلى مفعولين عديته إليه كقولك: حسبت قومك بعضهم قائما وبعضهم قاعدا ".
وإن كان مما يتعدى إلى مفعول واحد، نحو حزّنت، ورأيت من رؤية العين، فإن شئت قلت: " حزنت قومك " وسكتّ، وإن شئت قلت: " حزنت قومك منطلقين " فجئت بالحال، وإن شئت قلت: " حزنت قومك بعضهم أفضل من بعض " فجئت بجملة في