للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواهب المائة الهجان وعبدها ... عودا تزجّى خلفها أطفالها (١)

فعطف " عبدها " على المائة الهجان، وقال بعض المخالفين له: ليس له في هذا البيت حجة، وإن كان " عبدها " مجرورا؛ وذلك أنه لا خلاف أن المضاف إلى الألف واللام في هذا الباب بمنزلة ما فيه الألف واللام، وأن قولنا: " هذا الضارب غلام الرجل " بمنزلة قولنا: " هذا الضارب الرجل "، كما أن قولنا: " هذا الحسن وجه الأخ " بمنزلة قولنا "

هذا الحسن الوجه " فلما قال: " الواهب المائة الهجان " جاز ذلك بإجماع؛ لأن المائة فيها الألف واللام، والهاء في " عبدها " تعود إلى المائة فصار العبد كمضاف إلى ما فيه الألف واللام، فكأنه قال: الواهب المائة وعبد المائة، وهذا جائز بلا خلاف، وإنما احتج سيبويه بهذا بعد أن صح عنده بالقياس الذي ذكرناه، جواز الجر في الاسم المعطوف، وأنشد البيت ليرى من المثال في الاسم المعطوف، لأنه لا حجة له في غيره.

قال سيبويه: وإذا ثنّيت أو جمعت فأثبتّ النون قلت: هذان الضاربان زيدا، وهؤلاء الضاربون الرجل، لا يكون فيه غير هذا؛ لأن النون ثابتة، ومن ذلك قوله تعالى: وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ (٢).

فهذا بيّن وقال ابن مقبل: (٣)

يا عين بكّي حنيفا رأس حيّهم ... الكاسرين القنا في عورة الدّبر (٤)

" فالقنا " في موضع نصب، و " حنيف " قبيلة، والعورة الموضع الذي يبقى فيه العدو، ولا يكون بينهم حاجز، ومنه قوله تعالى: إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ (٥) أي ممكنة للعدو وليس بينها وبينه حائل، و " عورة الدبر " ما تبقى من خلف فهؤلاء يقاتلون إذا أدبر غيرهم وولى.

قال: " فإذا كففت النون جررت، وصار الاسم داخلا في الجار، وبدلا من النون، لأن النون لا تعاقب الألف واللام، ولم تدخل على الاسم بعد أن ثبتت فيه الألف


(١) الخزانة ٢/ ١٨١ - ديوان الأعشى ٢٩ - الهمع ٢/ ٤٨.
(٢) سورة النساء، آية: ١٦٢.
(٣) هو تميم بن أبيّ بن مقبل من بني عجلان شاعر جاهلي أدرك الإسلام وأسلم عاش أكثر من مائة سنة خزانة الأدب ١/ ١١٣ الأعلام ٢/ ٧٠.
(٤) ديوان ابن مقبل ٨٢.
(٥) سورة الأحزاب، آية: ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>