للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها في الاستفهام، لا تقول: أمن صحيح أم من سقيم؟ وكذلك سائر الأحوال، فلم تدخل على كيف، كما لما لم تدخل على ما ناب عنه كيف.

فإن قال قائل: ولم لم يدخل على ما ناب عنه كيف، كما دخل على ما ناب عنه أين وأخواتها؟

فإن الجواب في ذلك أن كيف هو الاسم الذي بعده، وأين هو غير الاسم الذي بعده، وإنما هو مكانه وفي تقدير الظروف له، ومعنى ذكرنا اسمين وأحدهما هو الآخر. فإن الكلام غير محتاج إلى حرف، كقولك: زيد أبوك وزيد قائم، وإذا كان أحدهما غير الآخر فلا بد من حرف ظاهر أو مقدر، كقولك: زيد في الدار، وعمرو من بني تميم، وخالد خلفك، والتقدير: في خلفك، والقتال يوم الجمعة، والتقدير: في يوم الجمعة.

قال قائل: لم يكون الجواب عن الأسماء التي يستفهم بها معرفة ونكرة؟ كقولك: أين زيد؟ فيقول المسؤول عنه: مكانا طيبا، وتقول في حال: خلفك فيكون معرفة مرة ونكرة أخرى، ولا يكون الجواب في كيف إلا نكرة.

فالجواب في ذلك أن " كيف " على ما بينا هو الاسم الذي بعده، فلو جعلناه معرفة لكان السائل إذا قال: كيف زيد، فقال: المسؤول: القائم أو الصحيح، كان قد أجابه عن إنسان بعينه لا عن حال، وإنما هو جواب من إذا قلت: " من زيد " فيقول: القائم أو القاعد، ونحو ذلك. فلما كان التعريف يخرجه إلى الجواب عن الذوات، بطل أن يجاب عن " كيف " بمعرفة، وأما " أين " فإنما يجيب عن مكانه، وقد يكون مكانه معرفة ونكرة كما بينا. وفي كيف لغة أخرى، يقال: كيف، وكي في معنى كيف، قال الشاعر:

أو راعيان لبعران لنا شردت ... كي لا يحسّان من بعراننا أثرا (١)

أراد كيف لا يحسان، فمنهم من يقول: أنه حذف للشعر، ومنهم من يقول: إنها لغة.

فإن قال قائل: لم جاز أن يجازي بالأسماء التي يستفهم بها، ولا يجوز المجازاة بكيف؟ ففي ذلك جوابان: أحدهما أن الأسماء التي يجازي بها ويستفهم بها لا شيء منها إلا ويجوز أن يكون معرفة ونكرة، ويكون جوابه معرفة ونكرة، والمجازاة به على تقدير


(١) غير منسوب، الخزانة ٣/ ١٩٥، شرح ابن يعيش ٤/ ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>