للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن اتصال الكناية قد عاقبت النون والتنوين ألا ترى أنك لا تقول: " هو ضاربنك " ولا:

" هما ضاربانك " ولا " هم ضاربونك " كما تقول: هو " ضارب زيدا " و " هما ضاربان زيدا "، فلما امتنع التنوين والنون لاتصال الكناية، صار بمنزلة ما لا ينصرف من الأسماء، ويعمل من غير تنوين، كقولك للنساء: " هؤلاء ضوارب زيدا "، والذي جمع بينهما أن التنوين حذف من " ضوارب "؛ لمنع الصرف، لا للإضافة، وحذف من "

ضاربك " لاتصال الكناية، لا للإضافة، وقد حكى بعضهم جواز " ضاربنك " و " ضاربني " في الشعر، وأنشدوا أبياتا لا تصح منها قوله:

وليس حاملني إلا ابن حمّال (١)

والرواية الصحيحة " وليس يحملني " وأنشد بعضهم- وزعم سيبويه أنه مصنوع-:

هم القائلون الخير والآمرونه ... إذا ما خشوا من محدث الدهر معظما (٢)

وقال الآخر:

ولم يرتفق والناس محتضرونه ... جميعا وأيدي المعتفين رواهقه

فوصل الكناية في " آمرونه " و " محتضرونه " بالنون، والوجه أن يقول: " آمروه " و " محتضروه "، فزعم سيبويه أن هذا من ضرورة الشعر، وجعل الهاء كناية.

وقد روي عن بعض القراء: هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ. فَاطَّلَعَ- ذهب إلى " مطلعونني " - فأثبت نون الجمع مع اتصال الكناية، والكناية هي النون الثانية وياء المتكلم، وحذف إحدى النونين لاجتماعهما، وأسقط الياء لدلالة الكسرة عليها.

وأما " الآمرونه " و " محتضرونه " فذكر أبو العباس: أن هذه الهاء هي هاء السكت، وكان حكمها أن تسقط في الوصل، فاضطر الشاعر أن يجريها في الوصل مجراها في الوقف، وحركها؛ لأنها لما ثبتت في الوصل أشبهت الحروف التي حكمها أن تثبت في


(١) عجز بيت وصدره " ألا فتى من بني ذبيان يحملني " وقائله أبو محلم السعدي الإنصاف ٨٢ - الخزانة ٢/ ١٨٥.
(٢) قال البغدادي في الخزانة: (وهذا البيت أيضا مصنوع) الخزانة ٢/ ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>