للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنصب " مسمعا " بالضرب، ويجوز أن يكون منصوبا " بلحقت " كأنه قال: لحقت مسمعا، فلم أنكل عن الضرب.

وكان بعض البصريين المتأخرين لا ينصب بالمصدر إذا كان فيه الألف واللام، فإذا ورد شيء منصوب بالمصدر الذي فيه الألف واللام أضمر بعده مصدرا ليس فيه ألف ولام، فيقدر ضعيف النكاية نكاية أعداءه. وعن الضرب ضرب مسمعا، وإنما دعاه إلى هذا أن المصدر إنما يعمل بمضارعة الفعل، والفعل لا يكون إلا منكورا.

قال ومن قال: " هذا الضارب الرجل " لا يقول عجبت من الضرب الرجل، لأن " الضارب الرجل " مشبه " بالحسن الوجه " لأنه وصف للاسم كما أن " الحسن " وصف، وليس هو بحد الكلام مع ذلك ".

يعني أن قولك: " الضارب الرجل " ليس بحد الكلام وإنما هو مشبه بالحسن الوجه؛ لاتفاقهما أنهما وصفان.

قال: وتقول: " عجبت من ضرب اليوم زيدا " كما قال: يا سارق الليلة أهل الدّار (١).

يعني أن الوجه إضافة المصدر إلى ما بعده ظرفا كان أو اسما، على أن يجعل الظرف مفعولا على السعة، وليس ذلك بمنزلة قوله:

لله درّ اليوم من لامها (٢)

لأن " درّ " ليس بمصدر يعمل الفعل، ولا تقول: " لله درّ اليوم من لامها كما قلت:

" عجبت من ضرب اليوم زيدا "؛ لأن " درّ " لا ينصب ولا ينوّن، ولا يجوز أن تقول: " لله درّ زيدا " فإذا احتاج الشاعر إلى مثل: " عجبت من ضرب اليوم زيدا " كان الأجود أن يخفض اليوم وينصب زيدا، ويجوز نصب " اليوم " وخفض " زيد " على ما تقدم القول فيه، وإذا احتاج إلى مثل: " لله درّ اليوم زيدا " لم يجز له خفض اليوم، ونصب زيد.

قال: لأنهم لم يجعلوا " درّ " فعلا، ولم يجعلوه فعل في اليوم شيئا، إنما هو


الخزانة ٣/ ٤٣٩ - العيني ٣/ ٥٠١ - ابن يعش ٦/ ٦٤.
(١) الخزانة ١/ ٤٨٥ - ابن الشجري ٢/ ٢٥٠ / ابن يعش ٢/ ٤٥.
(٢) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>