خبره، وحملوا " الضارب " بعد النصب على " الحسن الوجه " في حال الخفض لما بينهما من المناسبة، ولاشتباه لفظيهما، حملوا على " الحسن الوجه " كل محمول نصبه على " الضارب الرجل " فجروه، وحصل " للحسن الوجه " الجر من وجهين؛ أحدهما: ما كان له من الجر في الأصل، والآخر: دخوله مع " الضارب الرجل " بعد أن كان منصوبا في تشبيه " الحسن الوجه " في الأصل.
وتحصيل هذا المعنى، أنّا إذا قلنا:" حسن الوجه " فأدخلنا الألف واللام، فقد أدخلناهما على مخفوض، لم يكن منونا.
والوجه الثاني: أنا إذا قلنا: " الحسن الوجه "، فكأنه كان " حسن الوجه "، ثم دخل عليه الألف واللام، فعاقب التنوين، فصار بمنزلة " الضارب الرجل " على ما فسرنا ثم خفضناه كخفض " الضارب الرجل "، فأحد وجهي الجر على أصله والآخر حملا على ما شبه بأصله، وهو الضارب الرجل.
وقد حكي عن المازني (١) أنه قال: النصب في " الضارب الرجل " من وجهين؛ أحدهما: ما له من الأصل على ما وصفنا من النصب، والآخر: أنّا لما قلنا: " الضارب الرجل " تشبيها " بالحسن الوجه " في الخفض، وقد جاز في " الحسن الوجه " أن تنصبه تشبيها بالرجل، نصبنا كل محمول على " الحسن الوجه " في الخفض، فصار نصب "
الضارب الرجل " من وجهين: أحدهما ما له في الأصل، والآخر حملا على ما شبه به على نحو ما ذكرنا في الجر. فاعرف ذلك إن شاء الله تعالى.
قال سيبويه:(وإذا ثنيت أو جمعت فأثبتّ النون فليس إلا النصب، وذلك قولك: هم الطيبون الأخبار، وهما الحسنان الوجوه وهم الحسنون الوجوه، وهما الكريمان (الآباء).
وإنما لم يكن إلا النصب من قبل أن النون في الاثنين والجماعة محل التنوين من الواحد. والدليل على ذلك أنك تثبت النون إذا لم تضف، وتحذفها في الإضافة، كما تفعل ذلك في التنوين، فإذا أثبت النون في التثنية والجمع فقد فصلته من الثاني، وبطل الجر، فلم
(١) هو أبو عثمان بكر بن محمد بن بقيسة وقيل بكر بن محمد بن عدي بن حبيب المازني العدوي نزهة الألباء ١٨٢.