يثنى ولا يؤنث ولا يجمع؛ لأنه ليس باسم الفاعل الجاري على فعله، ولا هو على ذلك البناء كما كان " حسن الوجه،
وقائم الأب، ونظيف الثوب "؛ لأن " حسن الوجه وقائم الأب " هو اسم الفاعل بعينه، غير أنّا نقلنا الفعل عن فاعله إلى غيره، وبقي بناء لفظ الفاعل على حاله، فبعد باب " أفضل " من شبه أسماء الفاعلين، وصارت كالأسماء الجوامد التي لم تشتق من الأفعال، كقولك:" مررت برجل قطن لباسه، وبرجل كتّان رداؤه " ألا ترى أنه لا يثنّى القطن ولا الكتان، ولا يجمع ولا يؤنث؛ لأنك تقول:" مررت برجل قطن قميصاه وكتان قمصه "، على معنى قميصاه قطن، وقمصه كتّان فيكون الابتداء والخبر في موضع نعت الأول، كما تقول:" مررت برجل أبوه قائم ".
ويجوز أن يجري على من هو له إذا أفرد كقولك:" مررت برجل أفضل منك وبامرأة خير منك "؛ لأن الأخير هو الأول، فهو يجري عليه وإن كان جامدا، ألا ترى أنك تقول:" مررت بجبل عشرين ذراعا "، و " مررت بأخيك زيد "، ونحو ذلك، وليس في شيء من هذا معنى الفعل، إلا أن الثاني هو الأول، وقد يكون فيه نعتا أو عطف بيان، فإن كان الجاري على الأول شيئا فيه معنى من معاني الفعل- وإن كان محله محل الأسماء الجامدة في أكثر أحوالها- فلا بد من ضمير يكون له فيه؛ لأنه وإن كان كذلك ففيه معنى الفعل، وهو قولك:" مررت برجل أفضل منك وخير منك "؛ لأنه في معنى يفضلك ويعلو عليك.
وقد أجاز قوم من العرب:" مررت برجل أفضل منك أخوه، وخير منك عمّه "؛ لأنه مأخوذ من فعل وإن بعد شبهه بأسماء الفاعلين، وهو قليل رديء؛ لما ذكرناه قبل، فاعرفه إن شاء الله تعالى.
وقول سيبويه:" ولا يكون المعمول فيه إلا من سببه ".
يعني أنك إذا قلت:" هو خير منك أبا وأحسن منك وجها "، فأبوه هو الفاضل لا غير، وكذلك وجهه هو الحسن لا غير، إلا أنك نقلت فضل الأب وحسن الوجه إليه، فجعلته الفاضل والحسن لفظا، ثم فسرت ما به فضل وحسن، كما ذكرنا ذلك في باب الصفة المشبهة باسم الفاعل، فهذا قوله:" لا يكون المعمول فيه إلا من سببه ".
قال سيبويه:" وإن شئت قلت: هو خير عملا وأنت تنوي " منك ".
يعني أن تقدير " منك " لا بد منه، وإن كان محذوفا؛ لأن التفضيل لا بد فيه من أن