للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو سعيد: يعني أن " امتلأت وتفقأت " وبابه أولى بالعمل في المنكور الذي بعده؛ إذ كانوا قد عدوا العشرين إلى المنكور المميز له وهو جامد فإذا كانوا قد عدوه للعلة التي ذكرناها من شبهه باسم الفاعل، كان ما هو فعل على الحقيقة أولى بالتعدي، وأحق بالعمل والنفوذ، غير أنهم قد ضعّفوا هذا الفعل للعلة التي ذكرناها آنفا، حتى منعوه التعدي إلى غير المنكور، فلما حل هذا المحل صار بمنزلة " العشرين ".

قال سيبويه: " وتقول: هو أشجع الناس رجلا، وهما خير الناس اثنين ".

قال أبو سعيد: إذا قلت: " هو أشجع الناس رجلا وهما خير الناس اثنين " فمعناه هو أشجع الناس إذا صنفوا رجلا رجلا، وهما خير الناس إذا صنفوا اثنين اثنين، ولا يصح في هذا أن تقول: " هو أشجع الناس رجالا "؛ لانقلاب المعنى؛ لأنك إذا قلت: " هو أشجع الناس رجالا " كان بمنزلة قولك: " هو أفره الناس عبيدا، ومعناه عبيده أفره من عبيد غيره، وإنما أردت بقولك: " هو أشجع الناس رجلا " ما أردت بقولك: " حسبك به رجلا "، على التمييز،

والشجاعة له غير منقولة إليه عن غيره.

وإن أردت بقولك: " هو أشجع الناس رجلا " ما أردته بقولك: " هو أشجع الناس رجالا " جاز، كما يجوز: " هو أفره الناس عبيدا وعبدا، وإنما تقول هذا إذا أردت أن قبيلته ورجاله أشجع من رجال غيره، كما تقول: " هو أشجع الناس قبيلة ".

وإن أدخلت " من " في الوجه الأول جاز أن تقول: " هو أشجع الناس من رجل " كما تقول: " حسبك بزيد من رجل " فإن أردت به: " هو أشجع الناس رجالا " كما تقول: " هو أفره الناس عبيدا " لم يصلح أن تقول: " هو أشجع الناس من رجل " كما لا تقول: " هو أفره الناس من عبد "، وقد جعلت " هو " للمولى.

وإنما انتصب " رجلا " و " اثنين " في هذين الموضعين، لأن المضاف إليه قد صار بمنزلة التنوين، وهو المجرور الذي قاله سيبويه، فانتصب ما بعده؛ لأنه يصير بمنزلة اسم منون كقولك: " خير منك أبا " و " أحسن منك وجها ".

قال سيبويه: " والمجرور هاهنا بمنزلة التنوين، وانتصب الرجل والاثنان كما انتصب الوجه في قولك: هو أحسن منك وجها ".

وإنما انتصب " وجها "؛ لأن " منه " قد منعت " أحسن " من الإضافة إلى " الوجه " فامتنع الجر في " الوجه " وصارت منه بمنزلة النون في " عشرين " التي تمنع إضافة

<<  <  ج: ص:  >  >>