للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي تدخل عليها النون في التثنية، نحو: تا، والذي وغير ذلك.

فإن قال قائل: ولم إذا حذف حرف لالتقاء الساكنين وجب أن يعوض منه؟

قيل له: من قبل أن التثنية لا يسقط بها شيء من آخر الاسم لالتقاء الساكنين إلا المبهم، فلما خالف المبهم الصحيح، فمنع ما يكون في نظيره من جهة التثنية، ونقص منه حرف لا ينقص من غيره من المثنى عوض من ذلك.

والوجه الثاني: أنا رأينا التثنية لا تختلف طريقتها ولا تكون إلا على منهاج واحد لأنه يرد فيها صيغة المفرد وتزاد عليه علامة التثنية فقط، فلما كانت التثنية على ما وصفنا استوى المبهم وغيره في التثنية لاستواء طريقة التثنية واتفاق منهاجها فأعرب جميعها، وقد شدد بعضهم النون في تثنية المبهمات، فقالوا: هذان واللذان فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ (١).

فأما هذان واللذان. ففيه وجهان: أحدهما أن هذه النون جعلت عوضا من المحذوف الذي ذكرنا، في الوجه الأول فصار بمنزلة الميم المشددة في آخر اللهم عوضا من (يا) ويحتمل أن يكون في هذا الوجه شددت النون، ليفرقوا بين النون التي هي عوض من حرف محذوف والنون التي تدخل عوضا من الحركة والتنوين، فجعلت للمعوضة من الحرف مزية فشددت؛ لأن الحرف أقوى من الحركة والتنوين. والوجه الثاني أنه شددت النون للفرق بين المبهم وغيره ليدلوا بتشديد النون على أنه على غير منهاج المثنى الذي ليس بمبهم، ولأنه لا تصح فيه الإضافة، وغيره من المثنى يصح أن يضاف فتسقط نونه وكان ما لا يسقط بحال أقوى مما يسقط تارة ويثبت أخرى فشددت لذلك.

وأما ذانك ففيه الوجهان اللذان في " هذان واللذان "، وفيه وجه آخر، قالوا أبو العباس: الذي يقول في الواحد ذلك فيدخل اللام للزيادة في البعد، يقول في التثنية: ذانك مشدد النون والذي يقول ذاك في الواحد يقول في التثنية ذانك بالتخفيف.

فإن قال قائل: كيف صار تثنية ذلك ذانك؟ فإن في ذلك وجهين:

أحدهما: أنا ثنينا ذا فصار ذان، ثم أدخلنا اللام بعد النون للمعنى الذي أردنا من زيادة البعد فصار ذانلك، فاجتمع حرفان اللام والنون وكل واحد منهما يجوز إدغامه في


(١) سورة القصص، آية ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>