التعريف إنما هي بخمسة أشياء: بالإضمار، والإشارة، والعلم، والألف واللام، والإضافة إلى هذه الأربعة، وإنما صار: " سحر " معرفة؛ بوضعك إياه هذا الموضع، كما صار:
" أجمع، وأجمعون، وجمع " بوضعك إياهن هذا الموضع، وهو أنك لا تصف به إلا معرفة.
فإذا صغّرت " سحر " من يومك انصرف فدخله التنوين، " ولا يتصرف " لا يدخله الرفع والجر، أما التنوين فإنما دخل عليه، كما دخل على: " ضحوة " وذلك أنهم لم يضعوا المصغّر مكان ما فيه الألف واللام، فيكون معرفة أو معدولا.
وإنما نكروه كما نكّروا " ضحوة " و " عتمة " و " عشاء "، لأنه فهم به ما يفهم بالمعارف، فلم يتمكّن، وكذلك: كل شيء من أسماء ساعات يومك، نحو: " ضحى، وضحوة، وعشاء، وعشيّا ومساء " إذا أردت ذلك من يومك لم يكن إلا ظروفا، وذلك أنك إذا قلت لرجل " أنا آتيك عشاء " لم يذهب وهمه إلا إلى عشاء يومك وكذلك:
" عتمة "، فلما كان يفهم ما كان يفهم بالمعارف من حصر وقت بعينه لم يتمكن عندهم تمكّنا يتّسع فيه فيجعل اسما غير ظرف، فيرفع ويجر، لا تقول: " آتيك عند ضحى، ولا موعدك مساء " و " لا أتانا عند عشاء " فاعرف ذلك إن شاء الله تعالى.
قال: ومثل ذلك: " سير عليه ذات مرة " نصب لا يجوز إلا هذا، ألا ترى أنك لا تقول: إن " ذات مرة " كان موعدهم، ولا تقول: " إنما لك ذات مرة "، كما تقول: " إنما لك يوم ".
وكذلك: " إنما يسار عليه بعيدات بين "؛ لأنه بمنزلة " ذات مرة ".
ومثله " سير عليه بكرا "، ألا ترى أنه لا يجوز: موعدك بكر، ولا مذ بكر، فالبكر لا يتمكن في يومك، كما لم يتمكن: " ذات مرة " و " بعيدات بين " وكذلك:
" ضحوة في يومك الذي أنت فيه ".
أما: " ذات مرة " و " بعيدات بين " فلا يستعمل عنده إلا ظرفا، والذي منعها من التصرف، ومن كونها غير ظرف أنها قد استعملت في ظروف الزمان، وليست من أسماء الدهر، ولا من أسماء ساعاته، ألا ترى أنك تقول: " ضربتك مرة ومرتين " وأنت تعني:
ضربة وضربتين، فلما استعمل في الدهر ما ليس من أسمائه ضعف ولم يتمكن.
فإن قال قائل: فأنتم تقولون: " سير عليه مقدم الحاجّ "، و " خفوق النّجم "، وما أشبه ذلك، من أسماء المصادر، وليست المصادر من أسماء الزمان.