للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا حيّيا ليلى وقولا لها هلا (١)

قال: (ومنها قوله:

تراكها من إبل تراكها (٢)

فهذا اسم لقوله اتركها، وكذلك:

مناعها من إبل مناعها (٣)

وهو اسم لقوله: امنعها.

والواحد والاثنان والجميع والمؤنث في ذلك سواء؛ وكان حكم " تراك " أن يكون ساكنا لوقوعه موقع الأمر فاجتمع في آخره ساكنان فكسر على ما يوجبه اجتماع الساكنين وهذا مطّرد في جميع الأفعال الثلاثية كقولك: " حذار من زيد "، و " نعاء زيدا " بمعنى انع زيدا، وقد استقصيناه فيما مضى؛ فهذا الذي ذكره: هو ما يتعدى المأمور إلى مأمور به والمنهيّ إلى منهيّ عنه.

وأما ما لا يتعدى المأمور ولا المنهي إلى مأمور به ولا إلى منهي عنه فنحو قولك: مه مه، وصه صه، وإيه وما أشبه ذلك).

فهذه أصوات وضعت مواضع أسماء الفعل ولا تثنى ولا تجمع، فمعنى مه: كفّ، ومعنى صه: اسكت، وإيه: استزادة.

فإن قال قائل: لم فصل سيبويه بين الأمر والنهي في أول هذا الباب وليس في شيء من هذه الأفعال نهيّ بل لا يجوز أن يكون فيها نهي لأنه ليس شيء من هذه المصادر التي هي اسم الفعل يقدر فيها " لا " التي هي للنهي وإنما تقع موقع الأمر المحض، قيل له: إنما سماه نهيا بالمعنى لا بدخول حرف نهي، لأنه إذا قال: اتركها، وامنعها، فالمعتاد في الكلام أن يقال نهى عنها، وإذا قال: صه صه، فأمره بالسكوت والكفّ، فقد نهاه عن الكلام


(١) قائله النابغة الجعدي والبيت موجود في الأغاني ٥: ١٦ وخزانة الأدب ٦: ٢٣٨، ٢٦٤.
(٢) البيت لطفيل بن زيد الحارثي.
تراكها من إبل تراكها ... أما ترى الموت لدى أوراكها
خزانة الأدب ٥: ١٦، ١٦٢.
(٣) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>