للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإمّا أن يكون ترخيما بعد ترخيم؛ كأنه رخم مازنيا فصار مازنا، ثم رخّم مازنا فصار ماز، ونحوه مذكور في الترخيم. وتقديرهم: اتق رأسك والحائط على تقديرين في الانتصاب، ومعناه: اتق رأسك أن يدقه الحائط أو يكسره أو نحو ذلك، واتق الحائط أن يصيب رأسك بسوء، وإذا ثنّيت هذه الأشياء لم تذكر الفعل معها، ولو قلت: الليل الليل لم يحسن أن تقول بادر الليل الليل، وإذا قلت الليل منفردا حسن أن تقول: بادر الليل، وكذلك لو قال قائل: الله الله في أمري لم يحسن أن تقول: اتق الله الله في أمري.

وإذا قال: الطريق الطريق، لم يحسن أن تقول: خلّ الطريق الطريق، وإذا قال:

الطريق حسن أن تقول: خلّ الطريق؛ كما قال جرير:

خلّ الطريق لمن يبني المنار به ... وابرز ببرزة حيث اضطرّك القدر (١)

والاسمان المعطوف أحدهما على الآخر لا يذكر الفعل فيهما- أيضا- كقولك:

رأسك والحائط و " امرأ ونفسه " ولو أفردت أحدهما حسن لو قلت: اتق رأسك، أو احفظ نفسك، واتق الجدار، كان جائزا حسنا وقبح في التكرير؛ لأنك لما كررت شبّه الأول من اللفظين بالفعل فأغنى عنه وصار بمنزلة " إياك " النائب عن الفعل، كما كانت المصادر كذلك، كقولهم: الحذر الحذر، والنجاء النجاء، وضربا ضربا، كأنهم جعلوا الأول بمنزلة الزم وعليك ونحوه من تقدير الفعل، ودخول فعل على فعل محال.

قال سيبويه: (ومن ثم قال عمرو بن معدي كرب:

أريد حباءه ويريد قتلي ... عذيرك من خليلك من مراد (٢)

وقال الكميت:

نعاء جذاما غير موت ولا قتل ... ولكن فراقا للدّعائم والأصل (٣)


(١) البيت لجرير:
ديوانه ١: ٢١١؛ المقاصد النحوية ٤: ٣٠٧؛ شرح الأشموني ٢: ٤٨١؛ شرح المفصل ٢: ٣٠؛ لسان العرب (برز).
(٢) البيت لعمرو بن معدي كرب:
شرح المفصل ٢: ٢٦؛ الأغاني ١٠: ٢٧؛ خزانة الأدب ٦: ٣٦١، ١٠: ٢١٠؛ تاج العروس (عذر)، الشطرة الأولى من البيت مثل تمثل به أمير المؤمنين علي- كرّم الله وجهه- حين ضربه ابن ملجم لعنه الله، الميداني ٢: ٥٧.
(٣) ينسب للكميت البيت غير موجود في ديوانه:-

<<  <  ج: ص:  >  >>