للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فألقى ذلك الذي عرف منه على أم عمار، كأنه قال: هيجني فذكرني أم عمار).

قال أبو سعيد رحمه الله:

وقد ردّ بعض هذه الأبيات أبو العباس المبرد، وذكر في قوله: في مفارق الرأس طيبا، وإضمار رأيت إنما هو محمول على تراها.

قال: فلما لم يتم الكلام لم يحمل على معناه، وكذلك قوله:

فكرّت تبتغيه فصادفته

لم يتم ما قصده لأنه أراد: فصادفته على حال ما.

فتمام الكلام المقصود ذكر الحال، فلم يجز أن يحمل النصب على إضمار معنى اللفظ الأول.

وقد ردّ هذا الزجاج وذكر أن القصد في قوله: فصادفته، إنما هو إلى الولد؛ لأن الوحشية طلبت ولدها، فصادفته وصادفت على دمه السباع، فلما كان المعنى يدل على هذا واحتاج الشاعر إلى إيقاع المصادفة على الولد المطلوب، أضمر للسباع الفعل الذي دل عليه أول الكلام، كأنه قال: فصادفته، صادفت السّباع على دمه ومصرعه، وقوله:

" لن تراها ولو تأملت "، إنما يصفها بأن الطيب لا يفارقها، وقد علم ذلك من مقصده فجاز استغناؤه باللفظ الأول عن إعادة الفعل، فأضمر: إلا رأيت لها، وأنشد البيت الأول على ما يقع فيه خلاف، وهو:

فكرّت تبتغيه فوافقته ... على دمه ومصرعه السّباعا

وأما ما ذكره أبو العباس من عطف الشيء على المعنى بعد تمام الأول، فله مواضع تختلف. ألا ترى أن قوله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ (١).

جمع على معنى (من)، ولم يتم الكلام، وكذلك: وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً (٢).

أتت على المعنى، وللكلام في هذا مواضع أخر.

(ومن الباب قول الخليل، وهو قول أبي عمرو (٣):


(١) سورة يونس، الآية: ٤٢.
(٢) سورة الأحزاب، الآية: ٣١.
(٣) زبان بن العلاء بن عمار أبو عمرو بن العلاء أحد القراء السبعة خزاعي من مازن ولد بالحجاز سكن البصرة توفي ١٥٤ هـ. الفهرست ٢٨، طبقات القراء ١: ٢٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>