للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقوّس.

وأما ما يوجبه كلام سيبويه فتكون سماوة منصوبة بإضمار فعل؛ كأنه قال: سما سماوة الهلال إذا أضمر من لفظه،

وإن أضمر من غير لفظه، فكأنه قال: صيّره سماوة الهلال.

وكان أبو إسحاق الزجّاج يردّ على المازنيّ ما ذكرنا من قوله إنه لو كان سماوة يعمل فيه طيّ الليالي لكان حقّ الكلام أن يقول: سماوة القمر، لأنّ الليالي تنقص القمر حتى يصير هلالا، ولا يقال: إنّ الليالي تنقص الهلال.

وللمحتجّ عن أبي عثمان أن يقول: قد ينسب الفعل إلى الاسم في منتهاه وإن كان الفعل قد وقع قبل ذلك.

من ذلك قول القائل: نسجت الثوب، والثوب لا ينسج إنّما ينسج الغزل فإذا انتهى صار ثوبا، وعلى ذلك يتأوّل قول العجاج:

والشوق شاج للعيون الجذّل (١)

وإنما جذلت العيون واسترخت أجفانها من البكاء الذي أوجبه الشوق، ومثله لرؤبة:

والسبّ تخريق الأديم الألحن (٢)

وإنما صار أديما ألحن بالنسب فسماه بما يوجبه الفعل بعد تقضّيه، ومثله قول جرير في تأويل بعضهم:

لما أتى خبر الزبير تواضعت ... سور المدينة والجبال الخشّع (٣)

وكان حقه أن يقول: والجبال الشواهق، لأن الجبال الخشّع التي قد تضاءلت وتطأطأت فسمّاها بالاسم الذي توجبه المصيبة.

واحقوقف يجوز أن يكون للجمل الناجي الذي طواه الأين، ويجوز أن يكون


(١) ديوان العجاج ٤٥، وروايته:
ما بال جاري دمعك المهلل ... والشوق شاج للعيون الجذل
(٢) البيت لرؤبة بن العجاج: ديوانه: ١٦٠؛ تاج العروس (لحن).
(٣) البيت لجرير: ديوانه: ٩١٣؛ خزانة الأدب ٤: ٢١٨؛ الخصائص ٢: ٤٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>