للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذو عبيد، وأمّا العبد فذو عبد، يجرونه مجرى المصدر سواء، وهو قليل خبيث، وذلك أنهم شبهوه بالمصدر، كما

شبّهوا الجمّاء الغفير وخمستهم بالمصدر، وكأنّ هؤلاء أجازوا: هو الرجل عبيدا ودراهم، أي: للعبيد والدراهم، وهذا لا يتكلّم به، وإنما وجهه وصوابه الرفع، وهو قول العرب وأبي عمرو ويونس، ولا أعلم الخليل خالفهما).

وكان المبرّد لا يجيز النصب ولا يرى له وجها، وكان سيبويه يجيز النصب على ضعفه إلا أن يكون العبيد بغير أعيانهم ليلحق بالمصادر المبهمة، فلو قال: أمّا العبيد الذين عندك أو الذين في دارك، أو هؤلاء العبيد، لم يجز النّصب.

وكان الزجّاج يتأوّل في نصب العبيد تقدير الملك، والملك مصدر، كأنه قال: أمّا ملك العبيد، كما تقول: أمّا ضرب زيد فأنا ضاربه.

قال أبو سعيد: والذي عندي: أن جعل العبيد، وهو اسم، مكان التعبيد وهو مصدر، والعرب قد استعملت العبيد في تصريف الفعل من العبد، قال رؤبة:

والناس عندي كثمام التّمّي ... يرضون بالتّعبيد والتأمّي (١)

فعلى هذا يجعل العبيد مكان التعبيد، كما جعل الشراب وهو اسم للمشروب في موضع المصدر؛ فقالوا: شربت شرابا، بمعنى شربت شربا، وقالوا: أعطيته عطاء؛ بمعنى:

إعطاء، والعطاء: اسم للشيء الذي يعطى؛ فعلى هذا يكون النصب، ولا يجوز: هو الرجل خيلا وإبلا، كما جاز هو الرجل علما وعقلا؛ لأن علما وعقلا في موضع الحال، أو المفعول له على أحد التقديرات.

وعلى كلا الوجهين لا يجوز: هو الرجل خيلا وإبلا؛ لأن خيلا وإبلا ليسا بمصدرين فيكونا في موضع الحال كما تكون المصادر أحوالا، ولا مفعولا له؛ لأنّ المفعول له أيضا مصدر، والعامل في الحال أو المفعول له إذا قلت: أنت الرجل علما، فكأنه قال: أنت العالم علما، ثم تقيم الرجل مقام العالم، ولا يجوز: أنت الرجل خيلا؛ إذ لا يمكن أن يشتقّ من لفظ الخيل اسم فاعل يكون الرجل في موضعه فينصب الخيل.

فإذا قلت: أمّا النّصرة فلا نصرة لك، وأما الحارث فلا حارث لك، وأمّا أبوك فلا


(١) قائله: رؤبة بن العجاج: ديوانه: ١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>