ومن نصب أول ورفع فتية، جعل فتية خبر الحرب، وجعل أول: ظرفا له، كأنه قال: الحرب فتية في أول ما تكون، وحذف في، وأما من رفع أول ونصب فتية على الحال، فكأنه قال: الحرب أول ما تكون إذا كانت فتية.
ويجوز فيه وجه رابع، وهو نصب أول وفتية ويجعل الحرب مبتدأ، ويجعل خبرها:
تسعى، ويجعل أول ظرفا، ينصبه ب (تسعى)، وتكون فتية خبر تكون. قال سيبويه:
(وأما عبد الله أحسن ما يكون قائما، فلا يكون فيه إلا النصب لأنه لا يجوز لك أن يجعل أحسن أحواله قائما على وجه من الوجوه).
قال أبو سعيد: كان الأخفش يجيز رفع قائم، وأجازه المبرد كان التقدير إذا قلت:
أحسن ما يكون، فقد قلت: أحسن أحواله، وأحسن أحواله هو عبد الله ويكون قائما خبرا له، وعلى مذهب سيبويه إذا قلت: أحسن ما يكون، فمعناه: أحسن أحواله، وأحواله ليست إياه، وقائم هو عبد الله، ولا يجوز أن يكون خبرا لأحسن، وهذا اختيار الزجاج، وهو عندي الصحيح ولأنا إذا قلنا: زيد أحسن أحواله قائم لم يجز لأن قائما ليس من أفعاله، فإن قيل: فقد قال: عبد الله أحسن صفاته قائم فما تنكر أن يكون مصدر الفعل، وإذا كان كذلك صار بمنزلة: أحسن أفعاله وصفاته: قائم، وقاعد، ونائم، ونحو ذلك، وقائم بعض صفاته وكان المبرد لا يجيز: عبد الله أحسن ما يكون القيام. ونصب قائما عند سيبويه على معنى: عبد الله أحسن ما يكون إذا كان قائما على ما ذكرنا في أول الباب، والعامل في إذا، وإذ فيما تقدم من قوله:
هذا بسرا أطيب منه تمرا أطيب.
وإنما جاز أن يعمل فيها أطيب وإن كان أطيب لا يتصرف ولا يعمل فيما قبله من الحال والمصدر، لأن ما يعمل في الظروف قد يكون ضعيفا متأخرا. يعمل بمعناه.
ألا ترى أنك تقول: زيد الساعة في الدار، ولا تقول: زيد قائما في الدار، وتقول:
زيد الساعة أخوك تريد به الصداقة، ولا تقول: زيد قائما أخوك، وإن أردنا به الصداقة.
وتقول: زيدا أخوك أخوّة مؤكدة، ولا تقول: زيد أخوة مؤكدة أخوك، فأطيب في قلة تمكنه وعمله، بمنزلة أخوك في قلة تمكنه وعمله في التأويل بلفظ الفعل وبالجري مجراه وحملنا قولنا: بسرا في النصب على إضمار ظرف من الزمان وكان أولى الظروف