للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا أفردت صارت اسما، فأجاز البصريون: زيد خلفا وقداما على الظرف، وقال الكوفيون: زيد خلف بمعنى متأخر وقدام بمعنى متقدم، وماذا قلت: قام زيد خلفا، وذهب قداما فنصبه عند البصريين على الظرف كما ينتصب لو قلت: ذهب قدامك وقام خلفك، وعند الكوفيين أن تقديره تقدير الاسم الذي هو حال، كأنه قال: قام متأخرا، وذهب متقدما، فإذا قلت: قام مكانا طيبا، فالبصريون يجعلون مكانا ظرفا، والكوفيون يقولون:

إنه ناب عن قولك: فرحا ومغتبطا، وزعم الكوفيون أن الظرف، ويسمونه المحل، يحتاج إلى الإضافة لأنه يكون خبرا عن الاسم كما يكون الفعل خبرا عن الاسم لو قلت: ذهب زيد، فلما كان الفعل يحتاج إلى فاعل ويتصل به أشياء يطلبها الفعل من المصدر والمكان والزمان والمفعول ألزموا المحل الإضافة ليسد المضاف إليه مسد ما يطلبه الفعل ويدل عليه، وقال البصريون: إنما الإضافة لتعيين الجهة والتعريف، والأصل هو التنكير وإنما التعريف داخل عليه، وأجمع البصريون والكوفيون: أن الوقت يرفع وينصب إذا كان خبرا لمرفوع ابتدأ في حال تعريف الوقت وتنكيره، فالتعريف نحو قولك: القتال يوم الجمعة واليوم، وإن شئت قلت: اليوم يوم الجمعة، وأمّا التنكير فقولك: رحيلنا غدا وغد، كما قال النابغة:

زعم البوارح أن رحلتنا غدا ... وبذاك خبّرنا الغراب الأسود (١)

ويروى غد، فإذا رفعت الخبر صار التقدير في الأول أن يكون الوقت مضافا إليه ومحذوفا منه، كأنك قلت: وقت القتال اليوم، وإذا نصبت فبإضمار فعل، كأنك قلت:

القتال يقع اليوم أو وقع، وعلى هذا: زيارتنا عشيّ وعشيا ورواح ورواحا، فإذا كان الفعل مستغرقا للوقت كله، فإن البصريين يجيزون نصبه على الظرف، كما يجيزونه في غير المستغرق لجميع الوقت ويدخلون عليه في.

والكوفيون لا يجيزون فيه النصب ويجعلونه خبرا هو الأول، ولا يدخلون في.

فقول البصريين: صيامك يوم الخميس، ويوم نصب ورفع، والصوم يستوعب اليوم، وجوز في قوله: (صمت في يوم الخميس)، ومذهب الكوفيين رفع اليوم، ولا يجيزون نصبه، ولا يدخلون في لأنها عندهم توجب التبعيض، والصوم يستوعب اليوم، والصحيح


(١) ديوانه: ٢٧، الخصائص لابن جني ١/ ٢٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>