للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتكلم أيضا لا يعرف، كقول الرجل لمخاطبه: أنا في طلب غلام أشتريه، ومنزل أكتريه، ولا يكون قصده شيئا بعينه، فإذا نادى المتكلم شيئا تعرّف بقصده إياه ووقع اليد عليه بعينه، كقولك: يا رجل، ويا غلام وسنقف على ذلك في باب البدل إن شاء الله، وهذه المعارف كلها قد توصف كلها إلّا الإضمار وحده، ولا يوصف إلّا بمعارف، كما أن النكرات لا توصف إلّا بالنكرات، وقد جرت مجرى النعت على المنعوت في بابه إلا نعت المبهم، فإن نعته يخالف نعت غيره، وذلك أنه ينعت بأسماء الأجناس، كقولك:

مررت بهذا الرجل، ودخلت هذا البستان، وجاءني ذلك الرجل، وأولئك القوم، ونحو ذلك، وإنما نعت المبهم بأسماء الأجناس لأن طريق نعته على غير طريق نعت غيره، وذلك أن غير المبهم يحتاج إلى النعت إذا شاركه غيره في لفظه فبان من غيره بذكر شيء يكون فيه تحلّى به دون غيره مما يحلى به، والمبهم إنما دخل وصلة لخروج ما فيه الألف واللام عن العهد إلى الحضور، وذلك أن الألف واللام يدخلان للعهد، كرجل وغلام عهده أو لابساه في

بعض الأمر، فقال أحدهما: ما فعل الرجل أو الثوب أو الفرس.

وقد يكون الشيء بحضرة اثنين لم يكن بينهما فيه عهد، فيريد أحدهما الإخبار عنه معرفا له، فلا يمكنه الإخبار عنه لعدم العهد بينه وبين مخاطبه فيه، فيأتي بأسماء الإشارة فيتوصل بها وينتقل من تعريف العهد إلى تعريف الإشارة مثال هذا، فإن قيل له: أما تقول ابتداء من غير تقدم: البس هذا الثوب، واشتر هذا الغلام، فلا يحتاج المخاطب إلى عهد يعرف به الرجل كاحتياجه إليه في قوله: ما فعل الرجل؟ واشتر الغلام والبس الثوب وقد تكون الإشارة غير متوصل بها إلى ما فيه الألف واللام، كقولك: جاءني هذا، ورأيت هذا، ونظير ذلك قولهم: يا أيها الرجل.

جعلوا (أيها) وصلة إلى نداء الرجل لأنه لو لم يتوصل بها لم يكن نداء ما فيه الألف واللام، ويجوز أن ينادي هذا كما ينادى (زيد)، فإذا جعلته وصلة لما فيه الألف واللام قلت: يا هذا الرجل، وإن لم يجعل وصلة قلت: يا هذا كما تقول: يا زيد، وكما تستغني به إذا قلت: مررت بهذا، والأصل في نعت هذا أن ينعت بالأسماء لما ذكرناه أنه وصلة إلى ذكر الاسم الذي فيه الألف واللام.

وقد يجوز أن ينعت بالصفة التي فيها الألف واللام من حيث جاز أن تنقل الصفة التي فيها الألف واللام من تعريف العهد إلى تعريف الحضرة والإشارة، وذلك أنك تقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>