إذ ليس في لفظ عبد الله معنى يكون الرجل مبالغا فيه، وكما هو جائز مع هذا لأنه لو قال: هذا كل الرجل، لجاز ودل على معنى المبالغة والكمال، والنكرة في المدح كالمعرفة يدل على ذلك أنك تقول:
مررت برجل كل رجل، وجدّ رجل، وهذا عالم حق عالم، فلما فرق بينهما في المدح واللفظ الذي يوجب المدح، كما لا فرق بين قولك: مررت بالعالم الكامل في علمه، وبين قولك:
مررت برجل كامل في علمه.
قال سيبويه:(ومن الصفة قولك: ما يحسن بالرجل مثلك أن يفعل ذلك).
وذكر الفصل.
قال أبو سعيد: يعني أن الرجل معرفة، ومثلك وخير منك نكرة، وقد وصف بهما المعرفة لتقارب معناهما، وذلك أن الرجل في قولك: ما يحسن بالرجل مثلك، وبالرجل خير منك، غير مقصود به إلى رجل بعينه، وإن كان لفظه لفظ المعرفة لأنه أريد به الجنس، ومثلك وخير منك نكرتان غير مقصود بهما إلى شيئين بأعيانهما فاجتمعا في أنهما غير مقصود إليهما بأعيانهما، فحسن نعت أحدهما بالآخر، وكان من حق اللفظ والمساواة أن يكون لفظ النعت معرفة كلفظ المنعوت فامتنع دخول الألف واللام في التعيين، فاحتمل ذلك للضرورة، ولو قال: إني لأمرّ بالرجل نائم فأنبهه، وبالرجل صادق فأسمع منه، على النعت لم يجز لأنه يمكن أن يقول: بالرجل النائم، وبالرجل الصادق.
وما ذكر سيبويه عن الخليل أنه جر على نية الألف واللام في: مثلك وخير منك، إن كان يوجب التعريف لهما ويصير حكمهما حكم ما فيه الألف واللام، فينبغي أن تصف بهما الأسماء الأعلام كما تصف الأعلام بما فيه الألف واللام. وقد منع سيبويه من هذا وقال:
(لا يحسن بعبد الله مثلك، على هذا الحد)، وإن كان نية الألف واللام لا توجب التعريف فلا فائدة في ذكره.
والذي عندي في معنى قول الخليل من نية الألف واللام، أن هذين الاسمين في موضع ما فيه الألف واللام، كأنّا قلنا في موضع مثلك: المماثل لك، وفي موضع خير منك: الفاضل لك، والراجح عليك، ولم يجز أن يوصف العلم بمثلك وخير منك