للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآخر: لا يكون صفة له.

فأما الذي يكون صفة فما كان تحلية أو جرى مجرى التحلية وذلك قولك: مررت برجل قائم، وكاتب وضاحك ونحوه، ومنه: مررت برجل خير منك، ومثلك وحسبك من رجل، وبدرهم سواء، وبرجل أبي عشرة.

وما لا يكون صفة، فنحو: بستان ودار وحصير ودفتر ونحوه، لا تقول: مررت بملكك البستان، ولا بملكك ثوب، إلا على البدل، ولا بملكك بستانك، ولا بمالك دفترك إلا على البدل أيضا، فإن اتصل بشيء مما لا يكون صفة: له إنما يكون معه جملة مبتدأ وخبر، نحو: مررت برجل دفتر له عندك، وبرجل ثوبه فاخر، ونحو ذلك جاز وتكون الجملة نعت الأول، وأما الصفة إذا اتصل بها اسم فعلى ضربين:

أحدهما: يختار أن يجرى مجرى الاسم الذي يكون صفة، فيرفع بالابتداء والخبر، وهو قولك: مررت برجل خير منه أبوه، وبرجل سواء عليه الخير والشر، وبرجل أب للصاحبة، وبرجل حسبك به من رجل، فهذا الضرب من الصفة يرفع كما يرفع ما لا يكون صفة، ويكون ما بعده خبرا له، وهذا يعني ترجمة الباب، لأن " خير منه " وسواء، وحسبك، وأيما رجل، وأبو عشرة، إذا انفردت كانت صفة، وإذا كانت بعدها أسماء لم تكن صفة بمنزلة أسماء الجواهر وتحقيق لفظ الباب أن يقال: هذا باب ما جرى من الأسماء التي تكون صفة إذا انفردت مجرى ما لا يكون صفة إذا لم ينفرد.

والضرب الآخر من الصفة ما يجرى على ما قبله في إعرابه ويرتفع به ما بعده كارتفاع الفاعل بفعله، وهو قولك: مررت برجل شديد عليه الحر والبرد، من قبل أن شديدا اسم فاعل منه، والحر والبرد مرفوعات به، وهكذا مررت برجل مستو عليه الخير والشر، جررت لأنه صار عملا بمنزلة قولك: مررت برجل مفضض سيفه، ومررت برجل

مسموم شرابه، وجملة ما يكون صفة جاريا على الأول، ويرتفع به ما بعده ما كان من أسماء الفاعلين والمفعولين والصفات المشبهة بأسماء الفاعلين، وقد مضى شرحها.

وأما ما يكون صفة في الانفراد ولا يكون صفة في غير الانفراد، فما ذكره في هذا الباب من قوله: (خير منه أبوه، والأسماء التي ذكرت ومعه).

وذكر سيبويه فصولا بين البابين يبعد بها من مذهب الفعل خير منه أبوه فيه، فيرتفع ما بعده ويفصل ما بينها وبين أسماء الفاعلين بالصفات المشبهة منها، لأن أسماء الفاعلين

<<  <  ج: ص:  >  >>