للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما عليه، ومنعت إجراء الآخر؟

الجواب: أن بينهما فرقا في المعنى يوجب أن ما أجراه على الأول قرب شبه من اسم الفاعل، وفرقا في اللفظ دعت الضرورة فيه إلى إجرائه على الأول، فأما فرق المعنى فإنك إذا قلت: مررت برجل خير منه أبوه أو أفضل منه زيد، فمن يقع على المفضول والذي بعده هو الفاضل، وأحدهما غير الآخر، يعني رجل وليس للأول في الفضل صنع، وإذا قلت: ما رأيت رجلا أحسن في عينيه الكحل، والكحل هو الفاضل، فصار الفاضل واحدا، وصار ما اكتسب من

الفضل بسبب الأول، وذلك أنك تفضل الكحل إذا كان في عين زيد على نفسه إذا كان في عين غيره فيكون به في غير المذكور فضل ونقص، وكذلك لو قلت: مررت برجل أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد فضل الكحل لكونه في عين الرجل على نفسه في عين زيد، وأما الفرق في اللفظ فإنك إذا قلت: مررت برجل خير منه أبوه وأفضل منه زيد، ف (منه) في صلة خبر، وأفضل وأبوه وزيد:

مبتدآت أو خبر مبتدأين، ولم تفصل بين شيئين أحدهما في صلة الآخر، ولو رفعت ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد، فرفعت أحسن، لكان إما مبتدأ خبره الكحل أو الكحل مبتدأ وخبره أحسن.

وقوله: (في عينه منه في عين زيد كله في صلة أحسن)، فتفصل بين أحسن وبين ما في صلته بالكحل الذي حقه أن يكون مؤخرا عن الجميع أو مقدما على الجميع، فإن آخرته قلت: ما رأيت رجلا أحسن في عينيه منه في عين زيد الكحل.

ففي هذا- أيضا- قبح لأنه إضمار قبل الذكر وتجعل أحسن مبتدأ، فهو فاسد لأن هاء منه ضمير الكحل فهو مؤخر، وإن جعلت أحسن خبرا مقدما، جاز إن قدمت الكحل قلت: ما رأيت رجلا الكحل في عينيه أحسن منه في عينه منه في عين زيد، جاز بلا خلاف فأدى ذلك إلى أن يقال: (ما رأيت رجلا أبغض إليه الشر منه إلى زيد)، في تأويل: ما رأيت رجلا مبغضا إليه الشر، كما بغض إلى زيد، وما رأيت رجلا عاملا في عينه الكحل كعمله في عين زيد، وقد خففوا وحذفوا ما ليس فيه لعلم المخاطب، وأوقعوا من على غير ما كانت تقع عليه، فقالوا: ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه، والضمير في منه المذكور جرى ذكره، والأصل: ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد، فحذفوا الضمير العائد إلى الكحل في منه واكتفوا بذكر الكحل، وحذفوا

<<  <  ج: ص:  >  >>