للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن أبا ليلى نسيج وحده (١)

قيل له: إنما تصرفوا في " ردّ " بهذه الحركات الثلاث على مقدار تصرفه في نفسه، فضمّه بعضهم لاتباع الضمة الضمة، وكسره بعضهم لالتقاء الساكنين على ما يجب في ذلك من الكسر لالتقاء الساكنين، وفتحه بعضهم فرارا إلى أخف الحركات عند التضعيف والضمة؛ لأن " ردّ " مأخوذ من: " ردّ يردّ "، وهو فعل متصرف، فتصرفوا فيه بهذه الحركات على حسب ذلك.

و" ثم " حرف لازم لموضع واحد غير مشتق من شيء، ولا تصرف فيه، فألزم أخف الحركات؛ لما ذكرناه. فأعرفه إن شاء الله.

قال سيبويه: والكسر فيها قولهم في باء الإضافة ولامها: " بزيد " و " لزيد ".

قال أبو سعيد: اعلم أن الحروف التي جاءت لمعنى وهي على حرف واحد، حكمها أن تكون مفتوحة كواو العطف وفائه، إذا قلت: " قام زيد وعمرو " و " قام زيد فعمرو ". وألف الاستفهام كقولك: " أزيد عندك؟ ".

وإنما كان الأصل في هذه الحروف أن تجيء مفتوحة، من قبل أنها حروف يضطر المتكلم بها إلى تحريكها لابتدائه بها. وقد كان حكمها لو أمكن فيها السكون أن تكون حروفا ساكنة؛ لأنها حروف معان، فلما أوجبت الضرورة تحريكها ليمكن النطق بها حركوها بأخف الحركات. وهي الفتحة، وبها يمكنهم النطق بها، فلم يحتاجوا إلى تكلف ما هو أثقل منها.

فإن قال قائل: فلم كسروا الباء وفيها من العلة الموجبة للفتح ما ذكرته في الحروف المفتوحة؟

قيل له: من قبل أن الحروف التي ذكرناها غير عاملة عملا يختص به، ولا يكون في غيره. والباء عاملة الجر لا تكون إلا فيه، فألزموها الكسر لمشاكلة موضعها من الجر. فإن قال قائل: فلم كسروا لام الإضافة؟

قيل له: للفرق بينها وبين لام التأكيد في الموضع الذي يلتبسان فيه، فهو مع الاسم الظاهر؛ وذلك أن تقول: " إن هذا لزيد "، إذا أخبرت أنه زيد فإذا أخبرت أنه مملوك لزيد


(١) الرجز بلا نسبة في مجالس ثعلب ٢/ ٥٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>