للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لازمة، لأن الذي يذكر فعل المؤنث يكتفي بما يظهر من تأنيث الاسم الظاهر، فإذا كني عنه فقد بطل لفظ ظاهره الدالّ على التأنيث فلا بد من تأنيث الضمير للدلالة على حكم الاسم المضمر من تأنيث أو تذكير، فإذا ذكّره الشاعر، فإنما هو ضرورة فيحمل الاسم المؤنث على اسم آخر له مذكر ينوب منابه كما قال الأعشى:

فإمّا ترى لمتى بدّلت ... فإنّ الحوادث أودى بها (١)

فيجعل الحوادث بمعنى الحدثان.

فإن قال قائل: فلو قال: أودت بها لا تزن، فما أحوجه إلى تأويل الحدثان؟

قيل له: أحوجه إلى ذلك أن القصيدة مردفة بألف، ولو أتى بتاء التأنيث لم يستقم أن يكون البيت من القصيدة، وأول القصيدة:

ألم تنه نفسك عمّا بها ... بلى عادها بعض أطرابها (٢)

وقد روي: فإن الحوادث تعني بها، وعلى هذه الراوية ما فيه ضرورة، وقال عامر بن جوين الطائي:

فلا مزنة ودقت ودقها ... ولا أرض أبقل إبقالها (٣)

على تأويل ولا مكان، وقد روي: ولا أرض أبقلت ابقالها بتخفيف همزة (ابقالها) ولا حجة فيه على هذا الإنشاد، وقال آخر، وهو الطفيل الغنوي: (٤)

إذ هي أحوى من الربعيّ حاجبه ... والعين بالأثمد الحاري مكحول

فذهب بالعين مذهب الطرف، كأنه قال: والطرف بالاثمد مكحول.

(وزعم الخليل: " أن السماء منفطر به "، كقولك: معضّل للقطاة، ومرضع للتي بها رضاع).

وهذا من باب امرأة حامل وحائض، لأنه يختص به الأنثى، وقد شرح في غير هذا الموضع، فذهب منفطر ذات انفطار ومنفطرة على الفعل والعمل كقولك:

انفطرت فهي منفطرة، وانشقت فهي منشقة وإذا قلت: مرضعة فهي على


(١) ديوان الأعشى/ ١٢٠، الخزانة ٤/ ٥٧٨.
(٢) الخزانة ١/ ٢١، ٣/ ٣٣٠، شواهد المغني ٣١٩.
(٣) يروى: الحيري.
(٤) ديوان الطفيل الغنوي/ ٢٩، ابن يعيش ١٠/ ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>