يعني: حالا فنصبته، ومعنى قول سيبويه:(كأنه قال معه ناب صائدا)، يعني: لو ابتدأ فقال: مع زيد أو معك أو معه لشيء قد جرى ذكره، صقر صائدا به، لم يكن بدّ من نصب (صائدا) لأنه لا يمكن صفة الأول المعرفة به.
وإذا نصبت صائدا على الحال، فهو من الجملة التي هي صفة، فيصير للأول صفة واحد، ثم ذكر نظائر لم تقدم مما تجوز فيه الحال وغيره.
فقال:(ومثله: نحن قوم ننطلق عامدون إلى بلد كذا وكذا، إن جعلته وصفا.
وإن لم تجعله وصفا نصبت، كأنه قال: نحن ننطلق عامدين، ومنه: مررت برجل معه باز قابض على آخر، ومررت برجل معه جبة لابس غيرها.
وإن جعلته على الإضمار الذي في معه، نصبت، وكذلك: مررت برجل عنده صقر صائد بباز)، وإن جعلته على الوصف، فهو هكذا.
وإن حملته على ما في عنده من الإضمار، نصبت، كأنك قلت: عنده صقر صائدا بباز، يعني كأنك بدأت فقلت: عنده صقر صائدا بباز لرجل جرى ذكره، كما تقول:
عنده صقر صائدا بباز، وكذلك: مررت برجل معه الفرس راكبا برذونا، يعني قلت:
مبتدئا معه، على ما مضى من شرح مثله فهذا لا يكون فيه وصف ولا يكون إلا خبرا يريد حالا.
قال:(ولو كان هذا على القلب كما يقول النحويون، لفسد كلام كثير ولكان الوجه: مررت برجل حسن الوجه جميله، لأنك لا تقول: مررت بجميله حسن الوجه، ولقال: مررت بعبد الله معه بازك الصائد به، فنصب، فهذا لا يكون فيه إلا الوصف لأنه لا يجوز أن تجعل المعرفة حالا يقع فيه شيء، ولم تقل: جميله لأنك لم ترد أن تقول: إنه حسن الوجه في هذه الحال، ولا أنه حسن وجهه جميلا وجهه، في هذه الحال: حسن وجهه، فلم يرد هذا المعنى، ولكنه أراد أن يقول: هذا رجل جميل الوجه، كما يقال: هذا رجل حسن الوجه، فهذا الغالب في كلام الناس.
وإن أردت الوجه الآخر فنصبت، فهو جائز لا بأس به، وإن كان ليست له قوة الوصف في هذا، فهذا الذي الوصف فيه أحسن وأقوى).
قال أبو سعيد: هذا الذي ذكره سيبويه عن النحويين من نصب ما لا يحسن فيه القلب، أصله صفة مضافة إلى ضمير شيء جرى ذكره أو صفة متعلقة، فضمير شيء