للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إعرابهما مختلف ولا يحسن أن تنصب هذا على الحال كما نصبت قائمين، وإن كان ليس فيه الألف واللام، لأن المنصوب بالحال لا بد له من عامل واحد مقدّر في نصبه، وليس في قولك: في الدار رجل وقد جئتك برجل آخر، شيء يقع عليهما من تنبيه أو إشارة أو اجتماع.

ويقول: (فيما اختلف إعرابه، فلم يمكن اجتماع صفة الاسمين: اصنع ما سرّ أخاك، وأحبّ أبوك الرجلان الصالحان على الابتداء، وتنصبه على المدح والتعظيم كقول الخرنق في قصيدة ":

لا يبعدن قومي الذين هم ... سمّ العداة وآفة الجزر

النّازلين بكل معترك ... والطّيبون معاقد الأزر) (١)

وقال بعض أصحابنا: الرفع أحسن وأكثر في كل شيء كان تعظيما لأنك إذا أثنيت على قوم فإنما تقول: هم كذا.

(وأما الألف واللام فلا تكونان حالا البتة، لو قلت: مررت بزيد القائم، كان قبيحا لا يجوز إذا أردت قائما، وإن شئت نصبته على المدح، وذلك قولك: اصنع ما ساء أباك وكره أخوك الفاسقين الخبيثين، وإن شاء ابتدأ، ولا سبيل إلى الصفة في هذا ولا في قولك: عندي غلام وقد أتيت بجارية فارهين، لأنك لا تستطيع أن تجعل فارهين صفة للأول ولا للآخر ولا سبيل إلى أن يكون بعض الاسم جرا وبعضه رفعا، فلما كان كذلك صار بمنزلة: ما كان معه معرفة من النكرات لأنه لا سبيل إلى وصف هذا، كما أنه لا سبيل إلى وصف ذلك، فجعل نصبا كأنه قال: عندي عبد الله، وقد أتيت بزيد فارهين، جعل الفارهين ينتصبان على: النازلين بكل معترك.

وفرّوا من الإحالة في: عندي غلام، وقد أتيت بجارية إلى النصب، كما فروا إليه في قولهم: فيها قائما رجل).

يريد لما لم يكن صفة غلام وجارية بفارهين لاختلاف إعرابهما، فروا إلى نصب فارهين على المدح، كما هربوا إلى نصب قائما على الحال من قولهم: فيها قائما رجل، لما لم يمكن أن يجعل قائم صفة لرجل لتقدمه عليه.


(١) البيتان للخرنق بنت هفان، الخزانة ٢/ ٣٠١، الدرر اللوامع ٢/ ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>