للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحال، والعامل فيها اللام على تقدير: استقر وما أشبه ذلك كقولنا: عبد الله في الدار قائما.

فإن قال قائل: الحال مستصحبة فكيف تكون خالصة في يوم القيامة والتي هي لهم في الحياة الدنيا؟

قيل له: الحال على كل حال مستصحبة، وقد يكون الملفوظ به من الحال متأخرا بتقدير شيء مستصحب، كقوله تعالى: طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ (١)، وقد علم أن الخلود إنما هو إقامتهم فيها الدائمة، وليس ذلك في حال دخولهم، وتقديره: ادخلوها مقدرين الخلود أو مستوحين الخلود، وقيل في قوله تعالى: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ (٢) وليس في حال الدخول حلق ولا تقصير، وإنما هو شيء يقع بعد الدخول، وإنما يقع مثل هذا فيما علم ووثق به.

ولو قيل للإنسان: ادخل الدار، فقال: وما أصنع فيها؟ لجاز أن يقال: ادخلها آكلا فيها شاربا على معنى مقدّرا ذلك ومستوحيا.

قال: (وبعض العرب يقول: هو لك الجماء الغفير، فيرفع كما يرفع الخالص) وينصب.

فيقال: هو لك الجماء الغفير، ف (هو) مبتدأ، ولك: خبره، والجماء الغفير: حال، وقد مضى شرحها. (والنصب أكثر لأن الجماء الغفير بمنزلة المصدر، فكأنه قال: هو لك خلوصا)، وخلوصا في معنى خالصا، لأن المصدر يكون في موضع الحال، (فهذا تمثيل ولا يتكلم به، ومما جاء في الشعر قد انتصب خبره وهو مقدم قبل الظرف، قوله:

إنّ لكم أصل البلاد وفرعها ... فالخير فيكم ثابتا مبذولا (٣)

وسمعنا بعض العرب الموثوق به يقول: أتكلم بهذا وأنت هاهنا قاعدا.

قال: ومما ينتصب لأنه حال وقع فيه أمر، قول العرب: هو رجل صدق معلوما


(١) سورة الزمر، الآية: ٧٣.
(٢) سورة الفتح، الآية: ٢٧.
(٣) سيبويه ١/ ٢٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>