للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنا مرفد سبعون ألف مدجّج ... فهل في معد فوق ذلك مرفدا (١)

ومثل ذلك: تالله رجلا، كأنه أضمر تالله ما رأيت كاليوم رجلا، وما رأيت مثله رجلا ".

قال أبو سعيد: المقادير في المكيل والموزون والعدد والمساحة وغير ذلك يجري مجرى واحد.

وقوله: ما في السماء موضع كفّ: مقدار من المساحة، كما أن (عشرين) مقدار من العدد، و (سحابا) هو النوع الذي يفسره، كما أن درهما نوع يفسر العشرين.

ولي مثله: أي لي مقداره، أي: ما يقادره ويماثله في عدد. و (عبدا) هو النوع.

وكذا: ما في الناس مثله فارسا، وعليها مثلها زيدا، وإنما يريد: ثمرة عليها مثل: ولي ملؤه عسلا.

ومذهب البصريين فيه كمذهب نصب (العشرين) لما بعده، وقد ذكرنا ذلك قبل هذا الموضع.

وقد جعل سيبويه بعض هذه المنصوبات من الأنواع هو الأول، بعضه غير الأول.

فأما ما كان منه هو الأول: فهو ما كان الأول منه مثله وشبهه وملؤه، وتعتبر ذلك بأنك لو جعلت المنصوب في موضع الأول وجعلت الأول تابعا له لم يتغير معناه مرفوعا ومنصوبا.

ألا ترى أنك تقول: لي ملؤه عسلا، و (عسل) منصوب، ولو قلت: لي عسل ملؤه لأدى ذلك المعنى ولم يكن بينهما فضل.

وكذلك: لي مثله عبدا. لو قلت: لي عبد مثله لأدى ذلك المعنى.

وهذا معنى قوله: فاستخرج على المقدار نوعا، والنوع هو المثل، ولكنه ليس من اسمه، يعني ليس بنعت له، وإن كان هو هو.

وعلى هذا المذهب قوله: فهل في معدّ فوق ذلك مرفدا؟

لأن المرفد مثل: المردّ للجيش، فقال كعب: لنا مرفد هذا عددهم على التكثير، فهل في معدّ فوق ذلك؟ أي: هل في معد عدد فوق ذلك مرفدا؟

فهو كقولك: لي مثله عبدا، فمرفد هو العدد المقدّر.

وفضل سيبويه بين: لي مثله عبدا، وبين: عشرين درهما؛ لأن الدرهم ليس


(١) البيت في ابن يعيش ٢/ ١١٤، والكتاب ١/ ٢٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>