للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورغبتك في أن تغلبني، وأنت مع ذلك عاجزٌ (١).

وذلك أن الإنسان يترك الشيء: إما لعجزه عنه، وإما لعدم إرادته له، فمتى كان مريدًا له إرادة تامَّة، وقادرًا عليه قدرة تامَّة؛ لزم وجودُه قطعًا، فالقادر على أن يغلب غيره قد يريد ذلك لمجرَّد محبَّة النفس لإظهار القدرة والغلبة، وقد يريد ذلك لأخذ المال، فإذا اجتمع الأمران، كانت إرادته أبلغ، كما تقدَّم بيانه.

فالجاعل يقول: أنا أُبيِّنُ أنك عاجز؛ لأني أبذل المال الذي أُحَرِّكُ به رغبتَك في القلب، مع ما في النفس من محبَّة ذلك، فأنت مع كمال رعْبتك عاجزٌ عنِّي، وعن مغالبتي، فأنا أقْدَرُ منك على هذا العمل.

هذا مقصوده قطعًا، ليس مقصوده أن يبذل الجُعْل لمن يغلبه ويأخذ ماله؛ فإن عاقلًا لا يقصد هذا، بل (٢) يقصد منع الآخر ودفعه وتعجيزه.

فلهذا البذل من أحدهما جائز لهذا المعنى؛ فَلأَنْ يجوز منهما بطريق الأولى والأحرى؛ لأن حصول هذا المعنى (٣) مع اشتراكهما في البذل أقوى منه عند انفراد أحدهما به.

* قالوا: وأيضًا، فإن كان أكل المال إذا أخرجا معًا قمارًا حرامًا،


(١) سقط من (ح).
(٢) في (مط) (بأن)، وفي (ح) (لا يقصد بهذا بأن يقصد).
(٣) في (مط) (المنع).

<<  <  ج: ص:  >  >>