للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزاحمهم في الفتوى كان قوله حُجَّة".

فيقال: من العجب أن يكون قول سعيد بن المسيب حُجَّة، وفعل (١) أبي عُبيدة بن الجرَّاح غير حُجَّة!

وأيضًا، فأنتم في أحد القولين عندكم لا تجعلون قول الصَّحابي حُجَّة؛ فكيف يكون قول التَّابعي حُجَّة؟!

وأيضًا، فأنتم لا تُوْجِبون اتَّباع سعيد بن المسيب في جميع ما يذهب إليه؛ فكيف توجِبون اتِّباعه في هذه المسألة؟!

وأيضًا، فلو كان قول سعيد بن المسيب في هذه المسألة حُجَّة، أو كانت الحُجَّةُ موافقة أهلِ عصره له، كما يتوهَّمه المتوهِّم؛ لَمَا ساغ لمالك أن يقول (٢): "ولا نأخذ بقول سعيد بن المسيب في المحلِّل، ولا يجب المحلِّل".

والظاهر أن هذا إشارة من مالِكٍ إلى نفسه وإلى علماء المدينة معه، وأنهم - أو جمهورهم - لم يأخذوا بقوله في المحلل.

وقولهم: "يكفينا أن ثلاثة أركان الأمة عليه".

يريدون: الشافعي وأبا حنيفة وأحمد - فَطَرْدُ هذا يُوجِبُ عليكم أنَّ كلَّ مسألة اتَّفق عليها ثلاثة من الأئمة وخالفهم الرابع أن تأخذوا فيها بقوله الثلاثة؛ لأنهم ثلاثة أركان الأمة، وهذا يَلْزمُ أهل كل مذهب.


(١) في (مط) (وقول) وهو خطأ.
(٢) في (ظ) (لمالك أن يكون قائلًا بقول).

<<  <  ج: ص:  >  >>