للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيء يردُّه = عَمِلَ به، فإن عارضه ما هو أقوى منه، تركه للمعارض القويِّ، وإذا كان في المسألة حديث ضعيف وقياس، قدَّم الحديث الضعيف على القياس.

وليس الضعيف في اصطلاحه هو الضعيف في اصطلاح المتأخرين، بل هو والمتقدمون يُقسِّمون الحديث إلى صحيح وضعيف، والحسن عندهم داخل في الضعيف بحسب مراتبه.

وأوَّل من عُرِف عنه أنه قسمه إلى ثلاثة أقسام أبو عيسى الترمذي، ثم الناس تبعٌ له بعد (١).

فأحمد يقدِّم الضعيف - الذي هو حسنٌ عنده - على القياس، ولا يلتفت إلى الضعيف الواهي الذي لا يقوم به حجَّة، بل يُنْكر على مَن احتجَّ به وذهب إليه، فإن لم يكن عنده في المسألة حديث، أخذ فيها بأقوال الصحابة ولم يخالفهم، وإن اختلفوا، رجَّح من أقوالهم، ولم يخرج منها، وإذا اختلفت الصحابة في مسألة، ففي الغالب يختلف جوابه فيها، ويَخْرجُ عنه فيها روايتان أو أكثر، فَقَلَّ مسألةٌ عن الصحابة فيها روايتان؛ إلا وعنه فيها روايتان أو أكثر، فهو أتبع خلق الله تعالى للسنن مَرْفوعِهَا ومَوْقوفِهَا.

وقد صَنَّف الحافظ أبو موسى المديني كتابًا ذكر فيه فضائل المسند وخصائصه (٢) قال فيه: "ومن الدليل على أنَّ ما أودعه الإمام أحمد قد


(١) انظر مجموع الفتاوى (١٨/ ٢٣ - ٢٥).
(٢) انظر خصائص مسند الإمام أحمد (ص ١٦ - ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>