للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال سفيان الثوري: "إذا قال: إن سبقتك فلي كذا وكذا، فإن القاضي لا يجبره على أن يعطيه".

وقال عبد الله بن المبارك: أخبرنا يونس عن الزهري عن سباق الرمي ما يحل منه؟ قال: "ما كان عن طيب نفس لا يتقاضاه صاحبه".

وهذا المذهب فيه أمران:

أحدهما: أن أربابه كرهوا أن يكون الرجل باذلًا متقاضيًا، كأصحاب المذهب الذي قبله.

والثاني: أنهم جعلوا الجُعْل فيه من باب مكارم الأخلاق، لا من باب الحقوق التي يجب (١) إيفاؤها، كالوعد عند من لم يوجب الوفاء به.

وأصحاب المذهب الذي قبله كرهوا أن يكون الرجل باذلًا متقاضيًا؛ لأنه إذا كان باذلًا، كان كمن بذل ماله لما فيه منفعة للمسلمين، وهو ملحق بالجِعَالة التي يعمُّ نفعها، وإذا كان متقاضيًا طالبًا، كرهوه؛ لأنه طلب أكل مال غيره على وجه يعود نفعه إلى باذل المال.

وهذا - بخلاف الآخر - إذا بذل له المخْرِج من غير طلب منه (٢)، جاز له أخذه، إذ لا يلزم من كراهة أكله (٣) على وجه الطَّلَبِ ما يلزم


(١) من (ظ).
(٢) في (ح)، (مط) (له).
(٣) سقط من (ظ).

<<  <  ج: ص:  >  >>