معنى ذلك أن الله يريد بعباده اليسر، ولا يريد بهم العسر، فلا يكلفهم فوق طوقهم، بل يسامحهم ويلطف بهم.
والرفق [١٦٢/ب] ضد العنف، وهو لطافة الفعل ولين الجانب.
فإن قيل: فما معنى قوله في الحديث: (أنت رفيق والله الطبيب)؟
قلنا: الطبيب الحاذق بالشيء الموصوف، ولم يرد بهذا القول نفي هذا الاسم مما يتعاطى ذلك، وإنما حول المعنى من الطبيعة إلى الشريعة، وبين لهم أن الذي يرجون من الطبيب فالله فاعله والمنان به على عباده، وهذا كقوله:(فإن الله هو الدهر) وليس الطبيب بموجود في أسماء الله سبحانه، ولا يجوز أن يقال في الدعاء: يا طبيب وكذلك لا يجوز أن يقال: يا رفيق؛ فإن أسماء الله تعالى إنما تؤخذ عن النقل والمتواتر. ولم يوجد في الطبيب ولا في الرفيق نقل متواتر يجب به العلم.
وقد ذهب بعضهم في (الرفيق الأعلى) أنه اسم من أسماء الله تعالى.
قال الأزهري: غلط قائل هذا، والرفيق- هاهنا- جماعية الأنبياء الذين يسكنون أعلى عليين، اسم جاء على فعيل، ومعناه الجماعة، ومنه قوله سبحانه {وحسن أولئك رفيقًا}.
يقال للمرافق: الرفيق، ويطلق الرفيق على الواحد والجمع، وقوله:(إن الله رفيق).
لم يوجب إطلاق هذا الاسم عليه، كما لم يوجب (إن الله حي ستير) إطلاق ذلك عليه، وإنما أراد به إيضاح معنى لم يكن يقع في الأفهام إلا من هذا الطريق.
[٣٨٢٢] ومنه حديث ابن مسعود- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى ...) الحديث.
المعنى: إن مما بقي بين الناس فأدركوه من كلام الأنبياء أو مما أوحى إليهم في أول الخلق، وأشار بقوله:(النبوة الأولى) إلى أنه كان مندوباً إليه في الأولين، كما أنه محثوث عليه في الآخرين.