للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذنهم، فليس له من الزرع شيء، وله نفقته) قيل: إن هذا الحديث لم يثبته علماء الحديث، وكان البخاري يضعفه، ورأى [٥٤/ ب] شريكاً قد وهم فيه، وذكر أن شريكاً تفرد به عن أبي إسحق، وتفرد به أبو إسحق عن عطاء، وعطاء لم يسمع من رافع بن خديج شيئاً، ذكر ذلك الخطابى في (المعالم) وقد روى الترمذي عن البخاري أنه سأله عن هذا الحديث، فقال: هو حديث حسن. ونقل الترمذي أوثق، وعلى هذا فالحديث ليس مما يقابل بالطعن والإنكار، ولكنه تأول ليوافق الأصول التي تمسك بها المجتهدون، فيحمل معناه على العقوبة والحرمان للغاصب.

ومن باب الإجارة

(من الصحاح)

[٢١١٦] حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (احتجم وأعطى الحجام أجره، واستعط) السعوط بالفتح الدواء يصب في الأنف، يقال: اسطعت الرجل فاستعط هو بنفسه.

[٢١١٧] ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- (كنت أرعى على قراريط لأهل مكة) القيراط، ذكرناه في باب الجنائز، وإنما ذكر هاهنا القراريط؛ لأنه أراد بها سقط الشهر من أجره الرعية، والظاهر أن ذلك لم يكن يبلغ الدينار أو لم ير أن يذكر مقدارها، استهانة بالحظوظ العاجلة، أو لأنه نسى الكمية فيها، وعلى الأحوال، فإنه قال هذا القول تواضعاً لله تعالى وتصيحاً لمنته عليه.

وقد تعمق بعض المتكلفة في تأويله، حتى أتى بما لا حقيقة له، فقال: لعل القراريط موضع بمكة. وذلك قول لم يسبق إليه، وإنما وقع في هذه المهواة حين استعظم أن يرعى نبي الله بالأجرة، ولم يدر أن الانبياء إنما يتنزهون عن الأجرة فيما يعملونه لله، فأما ما كان سبيله الكسب، فإنهم كانوا يعتملون فيه ويكدحون، ولم يزل الكسب سنتهم، والتوكل حالهم، مع أن نبينا - صلى الله عليه وسلم - تعانى الرعية قبل أن يوحى إليه، ولأنه عمل ذلك العمل بالأجرة، أورد العلماء هذا الحديث في باب الإجارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>