للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنهج المستقيم ولن تطيقوا توفية حقه، لأن الإصابة فيه شديد، وفي أمره غموض ودقة، فإن قيل كيف يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بما يخبر عنه أنهم لا يطيقونه، فالجواب أنه - صلى الله عليه وسلم - أمرهم بالمستطاع منه، فإن الله تعالى يقول {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}، ثم بين لهم بقوله (ولن تحصوا) أن توفية حق الاستقامة على الدوام فيه عسر، وكان القصد في هذا القول تنبيه المكلفين على روية التقصير من أنفسهم، وتحريضهم على الجد والانكماش مع دوام اللجأ إلى الله تعالى؛ لأن ما كان هذا سبيله لا ينبغي للإنسان أن يغفل عنه أو بداله في المحافطة عليه فترة. وقد قال بعض أهل اللغة: (ولن تحصوا)، أي: لن تحصوا ثوابة، والإحصاء: التحصيل بالعدد وهو من لفظ الحصى، واستعمال ذلك فيه من حيث أنهم كانوا يعتمدونه بالعد اعتمادنا فيه على الأصابع، والله أعلم.

ومن باب ما يوجب الوضوء

(من الصحاح)

[١٩٥] حديث علي- رضي الله عنه- (كنت رجلا مذاء)، أي: كثير المذي، وهو أدق ما يكون من النطفة ويخرج عند الملاعبة والتقبيل والخطرات الشهوانية، وإنما استحيا من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسأله عنه لمكان فاطمة- رضي الله عنها- منه. وقد ذكر ذلك في الحديث مع أن القضية من حمله ما يستحيا منه؛ لأنها من الأطوار النفسانية والتأثيرات الشهوانية، وذلك مما لا يكاد يفح به أولو الأحلام وخاصة بحضرة الأكابر.

قوله: (يغسل ذكره) فقد قال فيه الشيخ أبو جعفر الطحاوي: إنما أمره يغسل المذاكير [٤١/ب] لتتقلص العروق فينقطع المذي، وذلك مثل ما أمر به من نضح ضرع البدنة التي تساق للهدى بالماء كيلا يسيل منه اللبن؛ قال: فالإنسان إذا لم يؤمر بغسل الذكر من البول فبالحرى أن لا يؤمر بغسله من المذي. قلت: ويحتمل أنه أمر بغسله من المذي ولم يأمر بغسله من البول؛ لأن البول يخرج عن اختيار فيبقى في الإنسان

<<  <  ج: ص:  >  >>