ويقال: فلان صاحب دارتهم: إذا كان أمرهم يدور عليه. ورحا الغيث: معظمه، ويؤيد ما ذهبنا إليه ما رواه الحربي في بعض طرقه:(تزول رحا الإسلام) مكان تدور. ثم قال: كأن تزول أقرب؛ لأنها تزول عن ثبوتها واستقرارها.
قلت: وأشار بالسنين الثلاث إلى الفتن الثلاث: مقتل عثمان وكانت سنة خمس وثلاثين، وحرب الجمل، وكانت سنة ست، وحرب صفين وكانت سنة سبع، فإنها كانت متتابعة في تلك الأعوام الثلاثة.
وفيه:(فإن [١٧٥/أ] هلكوا فسبيل من قد هلك) أي: فسبيلهم سبيل من قد هلك من القرون السالفة، (وإن يقم لهم أمر دينهم) قال الخطابي: أراد بالدين الملك، وأنشد قول زهير:
لئن حللت بجو في بني أسد ... في دين عمرو وحالت بيننا فذك
قال: ويشبه أن يكون أراد بهذا ملك بني أمية وانتقاله عنهم إلى بني العباس. وكان ما بين استقرار الملك لبني أمية إلى أن ظهرت الدعاة بخراسان، وضعف أمر بني أمية، ودخل الوهن فيه نحوا من سبعين سنة، ورحم الله أبا سليمان، فإنه قال قولا صحيحا، ولكن لا تعلق له بهذا الحديث، والجواد ربما يكبو، أو لو تأمل الحديث كل التأمل، وبني التأويل على سياقه لعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرد بذلك ملك بني أمية، دون غيرهم من الأمة، بل أراد به استقامة أمر الأمة في طاعة الولاة، وإقامة الحدود والأحكام، وجعل المبدأ فيه أول زمان الهجرة، وأخبرهم أنهم يلبثون على ما هم عليه خمسا وثلاثين أو ستا وثلاثين أو سبعا وثلاثين، ثم يشقون عصا الخلاف فتفترق كلمتهم، (فإن هلكوا فسبيلهم سبيل من قد هلك قبلهم) وإن عاد أمرهم إلى ما كان عليه من إيثار الطاعة ونصرة الحق، تم لهم ذلك إلى تمام السبعين.
هذا مقتضى اللفظ، ولو اقتضى اللفظ أيضا غير ذلك لم يستقم له ذلك القول، فإن الملك في أيام بعض العباسية لم يكن أقل استقامة منه في أيام المروانية، مع أن بقية الحديث تنقض كل تأويل يخالف تأويلنا هذا، وهي قول ابن مسعود: قلت: يا رسول الله (أمما بقى أو مما مضى).
يريد: أن السبعين تتم لهم مستأنفة بعد خمس وثلاثين، أم تدخل الأعوام المذكورة في جملتها. قال: مما مضى، يعني يقوم لهم أمر دينهم إلى تمام سبعين سنة من أول دولة الإسلام، لا من انقضاء خمس وثلاثين أو ست وثلاثين أو سبع وثلاثين إلى انقضاء سبعين.
ومن باب الملاحم
(من الصحاح)
[٤٠٤٣] قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي هريرة- رضي الله عنه:(وهو يليط حوضه). لطت الحوض بالطين،