وأخرى على مقدار قصر النهار وطوله، وقد تبين لنا من متن الحديث: أن ذلك كان بمكة، وتبين لنا من فحواه: أنه كان في الأيام التي تتقارب عن أطول يوم من السنة؛ لأن كون فئ الشخص بعد الزوال على مقدار الشراك: يدل على اضمحلال الظلال قبل الزوال.
ولقد رأيت الكعبة في بعض تلك الأيام حين قام قائم الظهيرة، والظل قد تقلص من جوانبها حتى لا يرى لها ظل؛ فبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أول وقت الظهر على ما قدر له يوم أمه جبرئيل- عليه السلام- بمكة في النهار الذي ينتعل فيه الشخص ظله، فإذا زالت الشمس، وأخذ الظل في الازدياد، كان ظل الشخص على الأرض كهيئة الشراك، وهذا على وجه التقريب على وجه التحديد.
والمراد منه: أن أول وقت الظهر حين يأخذ الظل في الزيادة بعد الزوال.
ومن باب تعجيل الصلاة
(من الصحاح)
[٣٨٣] حديث أبي برزة الأسلمي- رضي الله عنه:(كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الهجير التي تدعونها الأولى ..) الحديث.
الهجير والهاجر وهي نصف النهار عند اشتداد الحر، وإنما قال:(الهجير التي) بلفظ التأنيث؛ لأن المراد منه: الهاجرة، أو حذف منه الصلاة، وتقديره: صلاة الهجير.
وفيه (تدحض الشمس) أي: تزول؛ يقال: دحضت الشمس عن كبد السماء: إذا زالت.
وفيه:(والشمس حية)، يتأول ذلك على وجهين:
أحدهما: أنه أراد بحياتها: شدة وهجها، وبقاء حرها.
والآخر: أنه أراد به صفاء لونها عن التغير والاصفرار؛ وهذا أقرب التأويلين.
[٣٨٤] ومنه: حيث جابر رضي الله عنه [٦٥/أ] في حديثه: (والمغرب إذا وجبت)