للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن باب الركوع

(من الصحاح)

[٥٨٨] حديث أنس- رضي الله عنه- (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قال سمع الله لمن حمده قام حتى نقول قد أوهم) ينصب الفعل المستقبل بحتى وهو أكثر كلام العرب ومنهم من لا يعمل حتى إذا حسن فعل في موضع يفعل كما يحسن في هذا الحديث حتى قلنا قد أوهم، وأكثر الرواة على ما علمنا يروونه بالنصب وكان تركه من طريق المعنى أتم وأبلغ. والمعنى: حتى كنا نقول. وذلك أوهم: أي أسقط من صلاته شيئا، وقد فسره بعضهم على معنى النسيان ولم يرد أوهم بمعنى نسى إلا أن يأوله هذا القائل على النسيان من حيث إن إسقاط ركعة من الصلاة إنما يكون بعد النسيان. ولو قيل وهم لصح أن يفسر بالنسيان والرواية تأبى ذلك؛ تقول وهمت في الحساب أوهم وهما بتحريك الهاء إذا غلطت فيه وسهوت، وهمت في الشيء أهم وهما بسكون الهاء إذا ذهب وهمك إليه وأنت تريد غيره، وأوهمت الشيء إذا تركته كله يقال أوهم من الحسان مائة أي أسقط وأوهم من صلاته ركعة، والمعنى أنه كان يلبث في حال الاستواء من الركوع زمانا يظن أنه أسقط الركعة التي ركعها وعاد إلى ما كان عليه من القيام.

[٥٩٠] ومنه: حديث عائشة- رضي الله عنها- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (كان يقول في ركوعه وسجوده سبوح قدوس) السبوح المنزه عن كل عيب، جاء بلفظ فعول من سبحت الله تعالى أي نزهته والقدوس الطاهر من كل عيب البليغ في النزاهة عن كل ما يستقبح، وتفتح منه القاف وهو القياس في الأسماء كالسفود والكلوب ونحوهما ولم يأت من الأسماء على هذا الوزن بضم الأول إلا سبوح قدوس.

وفيه (رب الملائكة والروح) قيل الروح جبريل خص بالذكر تفضيلا على سائر الملائكة وقيل الروح صنف من الملائكة. قلت ويحتمل أنه أراد به الروح الذي به قوام [٨٦/ب] كل حي غير أنا إذا اعتبرنا النظائر من التنزيل لقوله سبحانه {يوم يقوم الروح والملائكة} وقوله {تنزل الملائكة والروح فيها} فالوجهان المبدوء بهما أشبه بنظم الكتاب وأحق بالاختيار.

<<  <  ج: ص:  >  >>