للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشاعر:

لقد بسملت هند غداة لقيتها .... فيا بأبي ذاك الحبيب المبسمل

وفيه: (واعقدن بالأنامل) يقال: عقدت عليه الأنملة إذا عدّه، ومنه قولهم: فلان أول من يعقد عليه الخناصر، أي يبدأ به في حصر ذوي الألباب والأحساب، أحب - صلى الله عليه وسلم - أن يحصين تلك الكلمات بأناملهن ليحط عناه بذلك ما اجترحته من الأوزار.

وفيه: (فإنهن مسئولات ...) أي: يسألن يوم القيامة عما اكتسبن ويستنطقن فيشهدن على أنفسهن بما اكتسبنها من الأوزار، قال الله تعالى:} وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم {.

وفيه (فتنسين الرحمة) النسيان ترك الإنسان ضبط ما استودع، إما لضعف قلبه، وإما عن غفلة أو قصد، أي إنكن استحفظتن ذكر الرحمة، وأمرتن بمسألتها، فإذا غفلتن ضيعتن ما استودعتن عن ذلك، ويسرة هذه هي بنت ياسر أم خميصة، وهي جدة هانئ بن عثمان.

ومن باب الاستغفار والتوبة

(من الصحاح)

[١٦٠١] حديث الأغر بن يسار المزني -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إنه ليغان على قلبي ... الحديث) الغين لغة في الغيم، قال الشاعر يصف فرساً:

كأني بين خافيتي عقاب .... أصاب حمامة في يوم غين

وغين على كذا، أي: غطى عليه، وقال أبو عبيد في الحديث، أي يتغشى قلبي ما يلبسه، وقد بلغنا عن الأصمعي عبد الملك بن قريب أنه سئل عن هذا الحديث، فقال للسائل: عن قلب من يروي هذا؟ فقال: عن قلب النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فقال: لو كان غير قلب النبي - صلى الله عليه وسلم -، لكنت أفسره لك.

ولله دره في انتهاجه منهج الأدب، وإجلاله القلب الذي جعله الله موقع وحيه، ومنزل تنزيله، وبعد فإنه مشرب سُدّ عن أهل اللسان موارده، وفتح لأهل السلوك مسالكه، وأحق من يعرب أو يعبر عنه مشايخ الصوفية الذين نازل الحق أسرارهم ووضع الذكر عنهم أوزارهم ونحن بالنور المقتبس من مشكاتهم نذهب في الوقوف عليه مذهبين:

<<  <  ج: ص:  >  >>