[٢٠٩٨] حديث جابر- رضي الله عنه- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (الشفعة فيما لم يقم .. الحديث) الشفع: ضم الشيء إلى مثله، والشفعة: هي طلب مبيع في شركته أو جواره بما بيع به ليضمه إلى ملكه، وهذا الحديث أخرجه البخاري في كتابه، ولفظه:(قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة فيما لم يقسم) ولم يخرج مسلم هذا الحديث، وإنما أخرج حديثه الآخر اذي يتلو هذا الحديث، وكان على المؤلف لما أورد الحديث في القسم الذي هو مما أخرجه الشيخان أو أحدهما أن لا يعدل في اللفظ عن لفظ كتاب البخاري، فإن بين الصيغتين [بون بعيد] ولا يكاد يتسامح فيه ذو عناية بعلم الحديث، وقد روى هذا الحديث أيضاً في غير الكتابين عن أبي هريرة، على نحو ما رواه البخاري عن جابر- رضي الله عنه- وتأويله عند من يثبت الشفعة للخليط في نفس المبيع، ثم للخليط في حق المبيع، ثم للجار أن يقال: إن جابراً أخبر عن قضاء قضى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قضيته، وليس فيه نفي الشفعة عن المقسوم، وأما بقية الحديث، فإنه شيء رآه جابر فأوصله بما حكاه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وتأويلهم الحديث على أن بقية الحديث من كلام جابر، وإن كان أقرب إلى الاحتمال؛ لأنه حكى فعل النبي- عليه السلام- ثم أتى بقوله لم يسنده إليه، فلأن يحمل على أنه من كلام جابر أقرب من أن يحمل على أنه من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - غير أن الترمذي روى في كتابه عن جابر، أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق، فلا شفعة) فحينئذ يؤول قوله: (فلا شفعة) أي: لا شفعة من [جهة] الشركة؛ لأن الشركة في نفس المبيع ارتفعت بالقسمة، وتمييز الحدود، والشركة في حق المبيع ارتفعت بصرف الطرق، وقد قال بعض أهل هذه المقالة: يحتمل أنه أراد بوقوع الحدود وقوعها مع الفاصلة بين الحدين بطريق أو نهر أو غير ذلك، فلا شفعة فيها إذا بوجه من الوجوه، وإنما أحوجهم إلى هذه التأويلات شدة العناية بالجمع بين الأحاديث التي وردت في هذا الباب والجد في الهرب عن رد ما ورد من الاحاديث في الشفعة بالجوار. فمنها:
حديث أبي رافع:(الجار أحق بسقبه) وحديث أنس (جار الدار أحق بالدار) وحديث سمرة بن جندب: (جار الدار أحق بشفعة الدار). وحديث جابر:(الجار أحق بشفعته ... الحديث) وكل ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.